الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***
(قوله قدمت العبادات إلخ) اعلم أن مدار أمور الدين على الاعتقادات والآداب والعبادات والمعاملات والعقوبات، والأولان ليسا مما نحن بصدده. والعبادات خمسة: الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والجهاد. والمعاملات خمسة: المعاوضات المالية، والمناكحات، والمخاصمات، والأمانات، والتركات. والعقوبات خمسة: القصاص، وحد السرقة، والزنا، والقذف، والردة. (قوله: اهتماما بشأنها) وجهه أن العباد لم يخلقوا إلا لها. قال الله تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}. (قوله: والصلاة إلخ) شروع في بيان وجه تقديم الصلاة على غيرها من العبادات، وتقديم الطهارة عليها. (قوله: تالية للإيمان) أي نصا، كقوله تعالى: {الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة} وكحديث: «بني الإسلام على خمس» بحر. أقول: وفعلا غالبا، فإن أول واجب بعد الإيمان في الغالب فعل الصلاة لسرعة أسبابها، بخلاف الزكاة والصوم والحج، ووجوبا لأن أول ما وجب الشهادتان ثم الصلاة ثم الزكاة كما صرح به ابن حجر في شرح الأربعين، وفضلا كما قال الشرنبلالي: إن الإجماع منعقد على أفضليتها، بدليل: «أي الأعمال أفضل بعد الإيمان؟ فقال: الصلاة لوقتها». (قوله: والطهارة مفتاحها إلخ) أي وما كان مفتاحا لشيء وشرطا له فهو مقدم عليه طبعا فيقدم وضعا. (قوله: بالنص) وهو ما رواه السيوطي في الجامع الصغير، من قوله صلى الله عليه وسلم: «مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم» وهو حديث حسن. قال الرافعي: الطهور بضم الطاء فيما قيده بعضهم، ويجوز الفتح؛ لأن الفعل إنما يتأتى بالآلة. قال ابن العربي: هذا مجاز ما يفتحها من غلقها، وذلك أن الحدث مانع منها فهو كالقفل يوضع على المحدث حتى إذا توضأ انحل القفل، وهذه استعارة بديعة لا يقدر عليها إلا النبوة ا هـ. من شرحه للعلقمي. (قوله: بها مختص) الأصل في لفظ الخصوص وما يتفرع منه أن يستعمل بإدخال الباء على المقصور عليه، أعني ما له الخاصة فيقال خص المال بزيد: أي المال له دون غيره، لكن الشائع في الاستعمال إدخالها لها على المقصور أعني الخاصة كقولك: اختص زيد بالمال، وما هنا من قبيل الأول، إذ لا يخفى أن الخاصة هي اشتراط الطهارة دون الصلاة، فالمعنى أنها شرط مختص بالصلاة لا يتجاوزها إلى غيرها من العبادات، ولو كان من قبيل الثاني لكان حقه أن يقال تختص الصلاة به فافهم، والمراد أنها شرط صحة فلا يرد أنها تكون واجبة في الطواف؛ لأنه يصح بدونها، ولا ترد النية لأنها ليست مختصة بالصلاة بل هي شرط لكل عبادة، ولا استقبال القبلة فإنه قد لا يشترط كما في الصلاة على الدابة وحالة العذر من مرض ونحوه، ومثله ستر العورة. وأما وجوبه في خارجها فليس على سبيل الشرطية. (قوله: لازم لها في كل الأركان) أقول: لم تظهر لي فائدة هذا القيد في كلامه، نعم ذكره في البحر بعد التعليل بعدم السقوط أصلا للاحتراز عن النية؛ لأنها لا يشترط استصحابها لكل ركن، وقد علمت الاحتراز عن النية بمادة الاختصاص، على أنه سيذكر عن الفيض أن الطهارة قد تسقط أصلا فليست شرطا لازما دائما، فإن أراد لزومها بدون عذر ورد عليه الاستقبال والستر فإنهما كالطهارة في ذلك تأمل. (قوله: وما قيل) قائله الإمام السغناقي صاحب النهاية، وهي أول شرح للهداية. (قوله: لا يسقط أصلا) أي لا يسقط بعذر من الأعذار نهاية. (قوله: فاقد الطهورين) أي الماء والتراب كمن حبس وقيد بحيث لا يصل إليهما. (قوله: كذلك) أي شرط لا يسقط أصلا. (قوله: مردود كل ذلك) أي كل من دعوى عدم سقوط الطهارة أصلا، وأن فاقد الطهورين يؤخر، وأن النية لا تسقط أيضا، وأتى برد هذه الثلاثة غير مرتب. (قوله: أما النية) أي أما وجه الرد في دعوى عدم سقوط النية أصلا، وهذا الرد الذي بعده لصاحب النهر. (قوله: ففي القنية وغيرها) كالمجتبى، وهو أيضا للعلامة مختار بن محمود الزاهدي صاحب القنية، وكتاب القنية مشهور بضعف الرواية، وقد نقل هذا الفرع من شرح الصباغي. (قوله: تكفيه النية بلسانه) إطلاق النية على اللفظ مجاز. ا هـ. ح: أي لأن النية عمل القلب لا اللسان، وإنما الذكر باللسان كلام، ومن ثم حكى الإجماع على كونها بالقلب، فقد سقطت النية هنا للعذر فسقط القول بعدم سقوطها. بقي أن التلفظ بها للعاجز إن كان غير شرط فلا إشكال؛ ولذا اختار في الهداية أن التلفظ بها مستحب لمن لم تجتمع عزيمته وإن كان شرطا كما هو المتبادر من كلام القنية. ورد عليه ما في الحلية شرح المنية لابن أمير الحاج أنه نصب بدل بالرأي وهو ممنوع إلا أن يظهر دليله، وأقره في المنح. أقول: وما قاله الحموي من أنه حيث كان لا يقدر على نية القلب صار الذكر باللسان أصلا لا بدلا ا هـ. دعوى بلا دليل. وأيضا هو مشترك الإلزام، فإن نصب الشروط الأصلية لا بد لها من دليل أيضا، وهذا كله حيث كان الفرع المذكور من تخريجات بعض المشايخ كما هو ظاهر، وأما لو كان منقولا عن المجتهد فلا يلزم المقلد طلب دليله. (قوله: وبوجهه جراحة) قيد به؛ لأنه لو كان سليما مسحه على الجدار بقصد التيمم ط، وسكت عن الرأس؛ لأن أكثر الأعضاء جريح، والوظيفة حينئذ التيمم ولكنه سقط لفقد آلته وهما اليدان. ا هـ. ح. (قوله: يصلي بلا وضوء) أي فسقط قولهم إن الطهارة لا تسقط أصلا ط، لكن ذكر الحموي في رسالة أنه قد يقال المراد بعدم السقوط بعذر إنما هو بعد إمكانه في الجملة، وما هنا راجع إلى زوال الأهلية لعدم المحلية، على أن التخلف في مادة واحدة قلما تقع لا يقدح في الكلية كما لا يخفى على أصحاب الرواية. (قوله: وأما فاقد الطهورين) هذا رد من الشارح للدعوى الوسطى ط. (قوله: يتشبه) أي بالمصلين وجوبا، فيركع ويسجد إن وجد مكانا يابسا، وإلا يومئ قائما ثم يعيد كما سيأتي في التيمم: ونقل ط أنه لا يقرأ فيها، ثم قال: وفيه أن هذا لا يصلح ردا؛ لأن هذه صورة صلاة وليست بصلاة حقيقية لما أنه يطالب بعد ذلك بفعلها؛ ولذا قال ح الأولى المعارضة بالمعذور ا هـ. أي إذا توضأ على السيلان وصلى في الوقت فإنه يصدق عليه أنه صلى بغير طهارة، وفيه نظر لأن هذه الطهارة من المعذور معتبرة شرعا. ا هـ. (قوله: وبه) أي بما في الظهيرية لأنه الذي ينتج ما ذكره ط. (قوله: غير مكفر) أشار به إلى الرد على بعض المشايخ، حيث قال المختار أنه يكفر بالصلاة بغير طهارة لا بالصلاة بالثوب النجس وإلى غير القبلة لجواز الأخيرتين حالة العذر بخلاف الأولى فإنه لا يؤتى بها بحال فيكفر. قال الصدر الشهيد: وبه نأخذ ذكره في الخلاصة والذخيرة، وبحث فيه في الحلية بوجهين: أحدهما ما أشار إليه الشارح. ثانيهما أن الجواز بعذر لا يؤثر في عدم الإكفار بلا عذر؛ لأن الموجب للإكفار في هذه المسائل هو الاستهانة، فحيث ثبتت الاستهانة في الكل تساوى الكل في الإكفار، وحيث انتفت منها تساوت في عدمه، وذلك لأنه ليس حكم الفرض لزوم الكفر بتركه، وإلا كان كل تارك لفرض كافرا، وإنما حكمه لزوم الكفر بجحده بلا شبهة دارئة ا هـ. ملخصا: أي والاستخفاف في حكم الجحود. (قوله: كما في الخانية) حيث قال بعد ذكره الخلاف في مسألة الصلاة بلا طهارة وأن الإكفار رواية النوادر. وفي ظاهر الرواية لا يكون كفرا، وإنما اختلفوا إذا صلى لا على وجه الاستخفاف بالدين، فإن كان وجه الاستخفاف ينبغي أن يكون كفرا عند الكل. ا هـ. أقول: وهذا مؤيد لما بحثه في الحلية لكن بعد اعتبار كونه مستخفا ومستهينا بالدين كما علمت من كلام الخانية، وهو بمعنى الاستهزاء والسخرية به، أما لو كان بمعنى عد ذلك الفعل خفيفا وهينا من غير استهزاء ولا سخرية، بل لمجرد الكسل أو الجهل فينبغي أن لا يكون كفرا عند الكل تأمل. (قوله: مع العمد) أي حال كونه مصاحبا للعمد ط. (قوله: خلف) أي اختلاف بين أهل المذهب والمعتمد عدم التفكير كما هو ظاهر المذهب، بل قالوا لو وجد سبعون رواية متفقة على تكفير المؤمن ورواية ولو ضعيفة بعدمه يأخذ المفتي والقاضي بها دون غيرها، والخلاف مخصوص بغير فرع الظهيرية، وأما هو فصلاته واجبة عليه بغير طهارة لأمر الشارع له بذلك ط. (قوله: يسطر) أي يكتب. (قوله: ثم هو) أي كتاب الطهارة وثم للترتيب الذكري، وقد تأتي للاستئناف ط. (قوله: مبتدأ أو خبر) أي كتاب الطهارة هذا، أو هذا كتاب الطهارة. واختلف في الأولى منهما، فقيل الأول لأن المبتدأ هو الركن الأعظم الشديد الحاجة إليه فإبقاؤه أولى؛ ولأن التجوز في آخر الجملة أسهل، وقيل الثاني لأن الخبر محط الفائدة. (قوله: لفعل محذوف) نحو خذ أو اقرأ. (قوله: فإن أريد التعداد) أي تعداده مع الكتب الآتية بلا قصد إسناد كالأعداد المسرودة. (قوله: بني على السكون) لشبهه الحرف في الإهمال ط. زاد القهستاني: ويجوز الفتح على النقل والضم على الحذف ا هـ. لكن فيه أن نقل حركة الهمزة شرطه كونها للقطع. وقد يجاب بما ذكره الزمخشري في الم الله من أن ميم في حكم الوقف والهمزة في حكم الثابت وإنما حذفت تخفيفا وألقيت حركتها على ما قبلها للدلالة عليها تأمل. والظاهر أنه أراد بالضم حركة الإعراب وبالحذف حذف المبتدإ أو الخبر، ويؤيده أنه لم يذكر حكم الإعراب فذكر الشارح له في شرحه على الملتقى مع ذكر حكم الإعراب قبله غير مرضي تأمل. (قوله: وإضافته لامية) أي على معنى لام الاختصاص: أي كتاب للطهارة: أي مختص بها. (قوله: لا ميمية) كذا في كثير من النسخ تبعا للنهر والصواب ما في بعض النسخ لا منية بتخفيف النون وتشديد الياء نسبة إلى من التي هي من حروف الجر، ووجه ما ذكره أن التي بمعنى من البيانية شرطها كون المضاف إليه أصلا للمضاف وصالحا للإخبار به عنه، وأن يكون بينه وبين المضاف عموم وخصوص من وجه. وزاد في التسهيل رابعا وهو صحة تقدير من البيانية، وكل ذلك مفقود هنا. قال في النهر: وليست على معنى في ا هـ.: أي لأن ضابطها كون الثاني ظرفا للأول نحو: {مكر الليل} وخالفه المصنف في المنح واختار كونها بمعناها وقال وهو الأوجه وإن كان قليلا. ا هـ. لكن الظرفية حينئذ مجازية وهي كثيرة. أقول: ويؤيده أنه قد يصرح بفي فيقال فصل في كذا باب في كذا، وهو من ظرفية الدال في المدلول بناء على أن المراد بالكتاب والفصل ونحوهما من التراجم الألفاظ المعينة الدالة على المعاني المخصوصة كما هو مختار سيد المحققين، وأن المراد من الطهارة أي من مسائلها المعاني، ويجوز العكس، فيكون من ظرفية المدلول في الدال تأمل. (قوله: وهل يتوقف حده لقبا) أي من جهة كونه لقبا فهو منصوب على التمييز، وقدمنا أن المراد بالحد في مثل هذا الرسم، وأراد باللقب العلم إذ ليس فيه ما يشعر برفعة المسمى أو بضعته، وأتى بالاستفهام لوقوع الخلاف فيه، أما توقفه على ذلك من حيث كونه مركبا إضافيا فلا شبهة فيه، وكان ينبغي له أن يذكر قبل ذلك حده للقبي، بأن يقول هو علم على جملة من مسائل الطهارة، وأما قوله جعل شرعا عنوانا لمسائل مستقلة فهو بيان لمعنى المضاف لا للاسم اللقبي الذي هو مجموع المضاف والمضاف إليه. (قوله: الراجح نعم) قال الأبي في شرحه على صحيح مسلم في كتاب الإيمان: والمركب الإضافي قيل حده لقبا يتوقف على معرفة جزأيه؛ لأن العلم بالمركب بعد العلم بجزأيه، وقيل لا يتوقف لأن التسمية سلبت كلا من جزأيه عن معناه الإفرادي وصيرت الجميع اسما لشيء آخر، ورجح الأول بأنه أتم فائدة. ا هـ. واستحسنه في النهر. أقول: أما كونه أتم فائدة فلا كلام فيه، وأما توقف فهم معناه العلمي على فهم معنى جزأيه ففي حيز المنع، فإن فهم المعنى العلمي من امرئ القيس مثلا يتوقف على فهم ما وضع ذلك اللفظ بإزائه وهو الشاعر المشهور، وإن جهل معنى كل من مفرديه فالحق القول الثاني، ولذا اقتصر في التحرير والتلويح وغيرهما في تعريف أصول الفقه على بيان معنى المفردين من حيث كونه مركبا إضافيا فقط. (قوله: فالكتاب) تفريع على الراجح. (قوله: مصدر بمعنى الجمع) عدل عن قول البحر والعناية هو جمع الحروف، لما أورد عليه أن الكتاب والكتابة لغة: الجمع المطلق؛ لأن العرب تقول كتبت الخيل إذا جمعتها. ا هـ. وزاد في الدرر احتمال كونه فعالا بني للمفعول كاللباس بمعنى الملبوس. قال: وعلى التقديرين يكون بمعنى المجموع. (قوله: لغة) منصوب على نزع الخافض أو على التمييز أو على الحالية ومثله شرعا واصطلاحا: وبيان ذلك مع ما يرد عليه في رسالتنا الفوائد العجيبة في إعراب الكلمات الغريبة. (قوله: جعل) أي الكتاب لا بقيد كونه مضافا للطهارة بل أعم منها ومن الصلاة ونحوها؛ لأنه في صدد بيان المضاف بمفرده كما أشرنا إليه. (قوله: شرعا) الأولى اصطلاحا لأن التعبير به لا يخص أهل الشرع وإن كان هو الغالب عندهم لكن قيد به نظرا للمقام أفاده ط. (قوله: عنوانا) أي عبارة تذكر صدر الكلام. (قوله: لمسائل) أي لألفاظ مخصوصة دالة على مسائل مجموعة وتمامه في النهر. مطلب في اعتبارات المركب التام وذكر في التلويح أن المركب التام المحتمل للصدق والكذب يسمى من حيث اشتماله على الحكم قضية، ومن حيث احتماله الصدق والكذب خبرا، ومن حيث يطلب بالدليل مطلوبا، ومن حيث يحصل من الدليل نتيجة، ومن حيث يقع في العلم ويسأل عنه مسألة، فالذات واحدة، واختلاف العبارات باختلاف الاعتبارات. ا هـ. (قوله: مستقلة) بمعنى عدم توقف تصورها على شيء قبلها أو بعدها لا بمعنى الأصالة المطلقة؛ لأن هذا الكتاب تابع لكتاب الصلاة المقصود أصالة، وعم التعريف ما كان تحته نوع واحد ككتاب اللقطة والآبق والمفقود، أو أكثر كالطهارة ونحوها مما تحته أنواع من الأحكام كل نوع يسمى بابا، وكل باب مشتمل على صنف من المسائل، أو أكثر كل صنف يسمى فصلا. وزاد بعضهم مطلقا بعد قوله مستقلة احتراز عن الباب قال: لأنه طائفة من المسائل الفقهية اعتبرت مستقلة مع قطع النظر عن تبعيتها للغير أو تبعية الغير لها، فإن مسح الخفين تابع للوضوء والوضوء مستتبع له، وقد اعتبرا مستقلين، فالفرق بين الكتاب والباب أن الكتاب قد يكون تابعا وقد لا يكون، بخلاف الباب: أي فإنه لا بد وأن يكون تابعا أو مستتبعا. ا هـ. وقد يقال: إن الملحوظ في الكتاب جنس المسائل لا باعتبار نوعها أو فصلها عما قبلها والحيثية مراعاة في التعريف ولهذا قال بعض العلماء: أن المسائل إن اعتبرت بجنسها تصدر بالكتاب؛ لأن الكتاب في اللغة الجمع والجنس يشمل الأنواع غالبا فيكون معنى الجمع مناسبا لمعنى الجنس، وإن اعتبرت بنوعها تصدر بالباب؛ لأن الباب في اللغة النوع فيكون ذكره مناسبا لنوع المسائل وإن اعتبرت بفصلها، وفرقها عما قبلها تصدر بالفصل؛ لأن الفصل في اللغة الفرق والقطع، فيكون ذكره مناسبا للمسائل المنقطعة عما قبلها. قال وأكثر المصنفين من الفقهاء والمحدثين: مشوا على هذه الطريقة. ا هـ. (قوله: بمعنى المكتوب) راجع لقوله فالكتاب مصدر، فهو مصدر مراد به اسم المفعول كما في النهر ط، فالمناسب ذكره قبل قوله جعل شرعا. (قوله: والطهارة) أي بفتح الطاء مصدر، وأما بكسرها فهي الآلة وبضمها فضل ما يتطهر به كذا في البحر والنهر. وفي القهستاني أنها بالضم اسم لما يتطهر به من الماء تأمل. (قوله: بالفتح) أي فتح الهاء. (قوله: ويضم) أي وكذا يكسر والفتح أفصح قهستاني. (قوله: بمعنى النظافة) أي عن الأدناس حسية كالأنجاس أو معنوية كالعيوب والذنوب، فقيل الثاني مجاز، وقيل حقيقة وقد استعملت فيهما، إذ الحدث دنس حكمي، والنجاسة الحقيقية دنس حقيقي وزوالهما طهارة نهر. (قوله: ولذا أفردها) أي لكونها مصدرا، وهو اسم جنس يشمل جميع أنواعها وأفرادها فلا حاجة إلى الجمع؛ ولذا قيل المصدر لا يثنى ولا يجمع. (قوله: النظافة عن حدث أو خبث) شمل طهارة ما لا تعلق له بالصلاة كالآنية والأطعمة وأراد بالخبث ما يعم المعنوي كما مر، فيشمل أيضا الوضوء على الوضوء بنية القربة؛ لأنه مطهر للذنوب، وعدل عن قول البحر زوال حدث أو خبث ليشمل الطهارة الأصلية؛ لأن الزوال يشعر بسبق الوجود، وعن قول النهر إزالة ليشتمل النظافة بلا قصد كنزول المحدث في الماء للسباحة. واعلم أن أو هنا للتقسيم والتنويع لا للترديد، فالقسمان المتخالفان حقيقة متشاركان في مطلق الماهية، وليس المراد أن الحد إما هذا وإما هذا على سبيل الشك أو التشكيك لينافي الحد المقصود به بيان الماهية من حيث هي هي على أن ما هنا رسم لا حد كما قدمنا بيانه. قال في السلم: ولا يجوز في الحدود ذكر أو وجائز في الرسم فادر ما رووا. (قوله: ومن جمع) أي كصاحب الهداية حيث قال كتاب الطهارات. (قوله: نظر لأنواعها) أي فإنها متنوعة إلى وضوء وغسل وتيمم وغسل بدن أو ثوب ونحوه. وأورد عليه أن اللام تبطل الجمعية؛ لأنها مجاز عن الجنس. ودفع بأن هذا عند عدم الاستغراق والعهد وانتفاؤهما ها هنا ممتنع، ولو سلم فاستواء هذا الجمع والمفرد ممتنع لما في لفظ الجمع من الإشعار بالتعدد وإن بطل معنى الجمعية، وتمامه في النهر. والحاصل أن معنى إبطالها الجمعية أن مدخولها صار يصدق على القليل والكثير، لا بمعنى أنه لم يبق صالحا للكثير. فإن قيل المصدر لا يثنى ولا يجمع قيل جمعها باعتبار الحاصل بالمصدر وذلك شائع كما يجمع العلم والبيع قاله في المستصفى، وقدمنا الفرق بين المعنى المصدري والحاصل بالمصدر. (قوله: وحكمها) بكسر الحاء جمع حكمة: أي ما شرعت لأجله. (قوله: شهيرة) منها تكفير الذنوب ومنع الشيطان عنه ط وتحسين الأعضاء في الدنيا بالتنظيف وفي الآخرة بالتحجيل، إمداد. (قوله: وحكمها) أي أثرها المترتب عليها. (قوله: استباحة) السين والتاء زائدتان أو للصيرورة. قال في البحر: ولم يذكروا من حكمها الثواب؛ لأنه ليس بلازم فيها لتوقفه على النية وهي ليست شرطا فيها ط. (قوله: أي سبب وجوبها) قدر المضاف لظهور أن الصلاة مثلا ليست سببا لوجود الطهارة. ا هـ. ح. (قوله: ما لا يحل) أي إرادة ما لا يحل، وقوله فرضا كان تعميم لقوله فعله وقوله كالصلاة فيه القسمان الفرض وغيرها، قوله ومس المصحف قاصر على غير الفرض ط. (قوله: صاحب البحر قال إلخ) ذكره عقب كلام المصنف يفيد أن كلام المصنف على تقدير مضاف هو الإرادة كما قدمناه، إذ لا يمكن تقدير الوجوب. وقد يقال لا تقدير أصلا، وأن مراده أن ذات ما لا يحل إلا بها سبب الوجوب، فقد ذكر الأتقاني في غاية البيان وغيره أن السبب عندنا الصلاة بدليل الإضافة إليها، وهو دليل السببية ا هـ. ونقله في شرح التحرير عن شمس الأئمة السرخسي وفخر الإسلام وغيرهما، لكن كلام المصنف أشمل لشموله الصلاة وغيرها تأمل. (قوله: الأقوال) أي الأربعة الآتية. (قوله: هو الإرادة) أقول: هو ما عليه جمهور الأصوليين. وأورد عليه أن مقتضاه أنه إذا أراد الصلاة ولم يتوضأ أثم ولو لم يصل ولم يقل به أحد، وأجاب عنه في البحر بجوابين: أحدهما ما يأتي عن الزيلعي، والثاني أن السبب هو الإرادة المستلحقة للشروع. ا هـ. أقول: يرد عليه أن سبب الشيء متقدم عليه فيلزم أن لا تجب الطهارة قبل الشروع؛ لأن الإرادة المستلحقة له مقارنة له مع أنه لا بد من تقدمها عليه لكونها شرط الصحة تأمل. (قوله: ذكره الزيلعي) أي هذا الاستدراك حيث قال إنه إن أراد الصلاة وجبت عليه الطهارة، فإذا رجع وترك التنفل سقطت الطهارة؛ لأن وجوبها لأجلها ط. (قوله: في الظهار) أي في شرح قوله وعوده: وعزمه على ترك وطئها. ا هـ. ح. (قوله: وقال العلامة إلخ) هذا أظهر؛ لأن ما ذكره في البحر يقتضي أن لا يأثم على الوضوء إذا خرج الوقت، ولم يرد الصلاة الوقتية فيه بل على تفويت الصلاة فقط، وأنه إذا أراد صلاة الظهر مثلا قبل دخول وقتها أن يجب عليه الوضوء قبل الوقت وكلاهما باطل. ا هـ. ح. أقول: فيه أن صلاة الظهر قبل وقتها تنعقد نافلة فتجب الطهارة بإرادتها تأمل. (قوله: الصحيح إلخ) مشى عليه المحقق في فتح القدير، واستوجبه في التحرير، وصححه أيضا العلامة الكاكي، لكنه لا يشمل غير الصلاة الواجبة فلذا زاد عليه هنا قوله أو إرادة إلخ، وما مر عن الزيلعي ملاحظ هنا أيضا. (قوله: وجوب الصلاة) أي لا وجودها؛ لأن وجودها مشروط بها فكان متأخرا عنها، والمتأخر لا يكون سببا للمتقدم. ا هـ. عناية. وظاهره أنه بدخول الوقت تجب الطهارة لكنه وجوب موسع كوجوب الصلاة، فإذا ضاق الوقت صار الوجوب فيهما مضيقا بحر. (قوله: وقيل سببها الحدث) أي لدورانها معه وجودا وعدما ودفع بمنع كون الدوران دليلا، ولئن سلم فالدوران هنا مفقود؛ لأنه قد يوجد الحدث ولا يوجد وجوب الطهارة كما قبل دخول الوقت وفي حق غير البالغ، وتمامه في البحر لكن سيأتي ما يؤيده. (قوله: وما قيل) القائل صاحب البحر في باب الحدث في الصلاة تبعا لصاحب الفتح كما نقله عنه صاحب النهر هناك، ثم قال: وهو تعريف بالحكم كما ذكره الشارح. قال بعض الفضلاء: في كون هذا التعريف تعريفا بالحكم نظر إذ حكم الشيء ما كان أثرا له خارجا عنه مترتبا عليه، والمانعية المذكورة ليست كذلك، وإنما حكم الحدث عدم صحة الصلاة معه وحرمة مس المصحف ونحو ذلك كما هو ظاهر، فالتعريف بالحكم كأن يقال مثلا الحدث هو ما لا تصح الصلاة معه ونحو ذلك فتأمل. ا هـ. هكذا في حاشية الشيخ خليل الفتال. (قوله: شرعية) أي اعتبرها الشرع مانعا ط. (قوله: إلى غاية استعمال) الإضافة للبيان والسين والتاء زائدتان ط. (قوله: فتعريف بالحكم) علمت ما فيه على أنه مستعمل عند الفقهاء؛ لأن الأحكام محل مواقع أنظارهم. (قوله: وقيل سببها القيام إلى الصلاة) ذكر في البحر أنه صححه في الخلاصة قال: وصرح في غاية البيان بفساده لصحة الاكتفاء بوضوء واحد لصلوات ما دام متطهرا. وقد يدفع بأنها سبب بشرط الحدث فلا يلزم ما ذكر خصوصا أنه ظاهر الآية. ا هـ. أقول: هذا الدفع ظاهر، وإلا ورد الفساد المذكور على القولين الأولين في كلام الشارح. (قوله: ونسبا) أي القول بسببية الحدث والخبث والقول بسببية القيام. ا هـ. ح. (قوله: إلى أهل الظاهر) هم الآخذون بظواهر النصوص من أصحاب الإمام الجليل أبي سليمان داود الظاهري. واعترض بأن المنسوب إليهم هو الثاني من القولين، أما الأول منهما فنسبه الأصوليون إلى أهل الطرد وهم المستدلون على علة الحكم بالطرد والعكس ويسمى الدوران كالإمام الرازي وأتباعه. وخالفهم فيه الحنفية ومحققو الأشاعرة. (قوله: وفسادهما ظاهر) لما علمته مما يرد عليهما، لكن علمت الجواب عما يرد على الثاني، فكان عليه إفراد الضمير في الموضعين. (قوله: أن أثر الخلاف) أي فائدة الاختلاف في السبب. (قوله: في نحو التعاليق) أي في التعاليق ونحوها كصدق الإخبار بوجوب الطهارة وكذبه أفاده ط، وفيما إذا استشهدت الحائض قبل انقطاع الدم فقد صحح في الهداية أنها تغسل، فكان تصحيحا لكون السبب الحدث أعني الحيض أفاده في البحر، أي لأن الغسل وجب عليها بالحيض لوجود شرطه وهو انقطاع الدم بالموت، وهذا مؤيد لقول أهل الطرد. (قوله: فأنت طالق) أي فتطلق بإرادة الصلاة على الأول، وبوجوبها على الثاني، وبالحدث أو الخبث على الثالث، وبالقيام إلى الصلاة على الرابع. (قوله: بالتأخير عن الحدث) أي أو الخبث، أو عن إرادة الصلاة، أو القيام إليها ط. (قوله: ذكره في التوشيح) هو شرح الهداية للعلامة سراج الدين الهندي. قال في غسل البحر: وقد نقل الشيخ سراج الدين الهندي الإجماع على أنه لا يجب الوضوء على المحدث والغسل على الجنب والحائض والنفساء قبل وجوب الصلاة، أو إرادة ما لا يحل إلا به. ا هـ. أقول: الظاهر أن المراد بالوجوب وجوب الأداء لثبوت الاختلاف في سبب الطهارة، ويلزم منه ثبوت الاختلاف في وقت الوجوب كما لا يخفى. ثم رأيت في النهر وفق بذلك بين كلام الهندي وما قدمناه آنفا عن الهداية. (قوله: وبه اندفع ما في السراج إلخ) هو شرح مختصر القدوري للحدادي صاحب الجوهرة، وذلك حيث ذكر أن وجوب الغسل من الحيض والنفاس بالانقطاع عند الكرخي وعامة العراقيين، وبوجوب الصلاة عند البخاريين وهو المختار؛ ثم قال: وفائدة الخلاف فيما إذا انقطع الدم بعد طلوع الشمس وأخرت الغسل إلى وقت الظهر فتأثم على الأول لا على الثاني، وعلى هذا الخلاف وجوب الوضوء فعند العراقيين يجب الوضوء للحدث، وعند البخاريين للصلاة ا هـ. (قوله: بل وجوبها) أي الطهارة. (قوله: بدخول) خبر بعد خبر، لقوله وجوبها لا متعلق بقوله موسع. وكون وجوبها بدخول الوقت يؤيد ما قدمه عن العلامة قاسم من أن سبب وجوبها وجوب الصلاة إذ وجوب الصلاة أيضا بدخول الوقت ا هـ. ح. (قوله: فيهما) أي في الطهارة والصلاة. (قوله: وشرائطها) أي الطهارة. قال في الحلية: هو جمع شرط على خلاف المعروف من القاعدة الصرفية، إذ لم يحفظ فعائل جمع فعل بل جمعه شروط. (قوله: شرائط وجوبها إلخ) أي الطهارة أعم من الصغرى والكبرى وشرائط الوجوب هي ما إذا اجتمعت وجبت الطهارة على شخص. وشرائط الصحة ما لا تصح الطهارة إلا بها، ولا تلازم بين النوعين بل بينهما عموم وجهي، وعدم الحيض والنفاس شرط للوجوب من حيث الخطاب وللصحة من حيث أداء الواجب أفاده ط. (قوله: شرط الوجوب) مفرد مضاف فيعم، وهو مبتدأ خبره العقل إلخ ط. (قوله: العقل إلخ) فلا تجب على مجنون ولا على كافر، بناء على المشهور من أن الكفار غير مخاطبين بالعبادات، ولا على عاجز عن استعمال المطهر، ولا على فاقد الماء أي والتراب، ولا على صبي، ولا على متطهر ولا على حائض، ولا على نفساء، ولا مع سعة الوقت، وهذا الأخير شرط لوجوب الأداء وما قبله لأصل الوجوب. (قوله: ماء) بالرفع والتنوين على إسقاط العاطف وتقدير مضاف: أي ووجود ماء مطلق طهور كاف أو ما يقوم مقامه من تراب طاهر. (قوله: وشرط صحة إلخ) الصحة ترتب المقصود من الفعل عليه، ففي المعاملات الحل والملك؛ لأنهما المقصودان منها، وفي العبادات عند المتكلمين موافقة الأمر مستجمعا ما يتوقف عليه. وعند الفقهاء بزيادة قيد وهو اندفاع وجوب القضاء، فصلاة ظان الطهارة مع عدمها صحيحة على الأول لموافقة الأمر على ظنه، لا على الثاني لعدم سقوط القضاء، وتمامه في التحرير وشرحه. (قوله: عموم البشره إلخ) أي أن يعم الماء جميع المحل الواجب استعماله فيه. (قوله: في المره) بدون همزة مؤنث مرء، يقال فيها مرأة ومرة وامرأة ذكر الثلاث في القاموس. (قوله: فقد نفاسها وحيضها) أي وفقد حيضها فهما شرطان. (قوله: وأن يزول كل مانع) أي من نحو رمص وشمع، وهذا الشرط الرابع يغني عنه الأول، والأولى ما في البحر حيث جعل الرابع عدم التلبس في حالة التطهير بما ينقصه في حق غير المعذور بذلك. [تنبيه]
جمع الشروط الأول ترجع إلى ستة: وهي الإسلام، والتكليف، وقدرة استعمال المطهر ووجود حدث، وفقد المنافي من حيض ونفاس، وضيق الوقت، والأخيرة ترجع إلى اثنين: تعميم المحل بالمطهر، وفقد المنافي من حيض ونفاس وحدث في حق غير المعذور به، وقد نظمتها بقولي: شرط الوجوب جاء ضمن ست تكليف إسلام وضيق وقت وقدرة الماء الطهور الكافي وحدث مع انتفا المنافي واثنان للصحة تعميم المحل بالماء مع فقد مناف للعمل. (قوله: وجعلها) أي هذه الشروط. وقد نقل هذا التقسيم العلامة البيري عن شرح القدوري للآمدي. (قوله: أربعة) أي أربعة أنواع، ففي الأول وكذا ثلاثة وكذا الثاني، وفي الثالث أربعة، وفي الرابع اثنان. (قوله: وجودها الحسي) أي الذي تصير به الطهارة موجودة في الحس والمشاهدة: أي يصير فعلها موجودا، وإلا فهي وصف شرعي لا وجود له في الخارج. ثم لا يخفى أنه ليس الضمير في وجودها للشروط حتى يرد أن القدرة لا وجود لها فافهم. (قوله: وجود المزيل) أي الماء أو التراب. (قوله: والمزال عنه) أي الأعضاء. (قوله: مشروع الاستعمال) أي بأن يكون الماء مطلقا وطاهرا ومطهرا. (قوله: في مثله) أي مثل المشروط، ولو قال مشروع الاستعمال فيها أي الطهارة لكان أولى، وخرج به نحو الزيت فإنه مشروع الاستعمال لكن في الدهن مثلا ط. أقول: وفي بعض النسخ في محله وهو الأولى. (قوله: التكليف) تحته ثلاثة، وهي العقل والبلوغ والإسلام، بناء على ما قدمناه من المشهور. (قوله: والحدث) أي الأصغر أو الأكبر. (قوله: من أهله) بأن لا تكون حائضا ولا نفساء، وهذا لم يذكره في النظم الآتي. (قوله: في محله) وهو جميع الجسد في الغسل والأعضاء الأربعة في الوضوء، وتقدم أن هذا أيضا من شروط الوجود، ويحتمل أنه أراد به تعميم البشرة. (قوله: مع فقد مانعه) بأن لا يحصل ناقص في خلال الطهارة لغير معذور به. (قوله: ونظمها) عطف على جعلها، وهذا النظم من بحر الطويل، وفيه من عيوب القوافي التحريد بالحاء المهملة، وهو الاختلاف في الأضرب، فإن ضرب البيت الأول والبيت الرابع محذوف وزنه فعولن، وباقي الأبيات أضربها تامة وزنها مفاعيلن، فالمناسب أن يقول في البيت الأول مقسمة في عشرة بعدها اثنان وفي البيت الرابع طهورية أيضا فخذها بإذعان. (قوله: تعلم) فعل أمر. (قوله: للوضوء) ومثله الغسل. (قوله: سلامة أعضاء) إشارة إلى المزال عنه. ا هـ. ح أي لأنه من إضافة الصفة إلى موصوفها أي أعضاء سالمة أفاده ط. (قوله: وقدرة إمكان) أي تمكن من الإزالة. (قوله: لمستعمل) صفة قدرة أو إمكان. (قوله: القراح) كسحاب أي الخالص قاموس. (قوله: وهو) بضم الهاء وإسكان الواو بعدها للضرورة راجع للماء. (قوله: معا) ظرف منصوب لقطعه عن الإضافة متعلق بمحذوف خبر هو أصله معهما، وإنما نص على انضمامه إليهما؛ لأنه لما ذكر الماء على كونه مضافا إليه فربما يتوهم أنه ليس قسما برأسه وأنه من تتمة المضاف وليس كذلك، بل هو بيان لوجود المزيل. ا هـ. ح. (قوله: وشرط) بالنصب مفعول لخذ محذوفا فسره قوله الآتي خذها: أي الشروط المفهومة من عموم المصدر المضاف، وهو أولى من الرفع على الابتداء؛ لأن خبره قوله خذها أو قوله فمطلق، فيلزم عليه الإخبار بالجملة الطلبية أو اقتران الخبر بالفاء. (قوله: بإمعان) أي بتأمل وإتقان ط. (قوله: مطلق ماء) من إضافة الصفة للموصوف وهو خبر لمبتدإ محذوف، والمراد كون الماء مطلقا، والظاهر كما قال ط أن الشرط مغن عن الطهارة والطهورية أي لأن غير الطاهر وغير المطهر غير مطلق. (قوله: مع) بسكون العين ط. (قوله: وشرط) بالنصب أيضا لا غير عطف على " شرط " المنصوب أي وخذ شرط وجوب إلخ إذ ليس بعده ما يصح الإخبار به عنه. (قوله: بالغ) بالإضافة وهو شرط ثان، والشرط البلوغ ط أي لا ذات البالغ. (قوله: التمييز) بحذف العاطف، ثم يحتمل أنه معطوف على " إسلام " فيكون مرفوعا، أو على الحدث فيكون مجرورا ط. (قوله: يا عاني) أي يا قاصد الفوائد وهو أولى من تفسيره بالأسير أفاده ط. (قوله: شرط) مبتدأ وزوال خبره ط. (قوله: يبعد) بتشديد العين. (قوله: من أدران) بنقل حركة الهمزة إلى النون، وهو بيان لما والدرن الوسخ قاموس. (قوله: كشمع) بسكون الميم لغة قليلة، وأنكرها الفراء فقال: الفتح كلام العرب والمولدون يسكنونها، لكن قال ابن فارس: وقد تفتح الميم. قال في المصباح فأفهم أن الإسكان أكثر ا هـ. (قوله: ورمص) بفتح الراء والميم وبالصاد: وسخ يجتمع في الموق مما يلي الأنف وسكنت الميم لضرورة النظم. ا هـ. ح. (قوله: لم يتخلل الوضوء) اللام من الوضوء آخر الشطر الأول والواو منه أول الشطر الثاني. (قوله: مناف) كخروج ريح ودم ط أي لغير المعذور بذلك. (قوله: يا عظيم ذوي الشان) أي العظم: أي يا عظيمهم، وفي نسخة ذي وليست بصواب لاختلال النظم ط: أقول: والذي رأيته من النسخ: يا عظيم الشان وهو خطأ أيضا. (قوله: وزيد على هذين) أي شرطي الصحة ط. (قوله: تقاطر) وأقله قطرتان في الأصح كما يأتي. (قوله: مع الغسلات) أي المفروضة، وأخرج بها المسح فلا يشترط فيه تقاطر. (قوله: ليس هذا إلخ) أي ليس هذا الشرط وهو التقاطر بمشترط عند الإمام أبي يوسف يعقوب رضي الله عنه والمعتمد الأول ط. [تنبيه]
يزاد على ما ذكره من شروط الصحة فقد الحيض والنفاس كما مر، وهو من شروط الوجود الشرعي أيضا، وكذا من شروط الوجوب. والذي يظهر لي أن شروط الوجود الشرعي شروط للصحة وبالعكس، إذ لا فرق يظهر فتدبر. (قوله: وصفتها) أي الطهارة. (قوله: فرض) أي قطعي ط. (قوله: للصلاة) فرضها ونفلها ط. (قوله: وواجب) الأولى واجبة. (قوله: للقول إلخ) يعني أنه قيل بأنها واجبة لمس المصحف لا فرض للاختلاف في تفسير الآية، فلم تكن قطعية الدلالة حتى تثبت الفرضية؛ لأن قوله تعالى: {لا يمسه إلا المطهرون} قيل إنه صفة لكتاب مكنون وهو اللوح، وقيل صفة لقرآن كريم وهو المصحف. فعلى الأول المراد من المطهرين الملائكة المقربون؛ لأنهم مطهرون عن أدناس الذنوب: أي لا يطلع عليه سواهم. وعلى الثاني المراد منهم الناس المطهرون من الأحداث وعليه أكثر المفسرين، ويؤيده أن فيه حمل المس على حقيقته والأصل في الكلام الحقيقة واحتمال غيرها بلا دليل لا يقدح في صحة الاستدلال؛ إذ قل أن يوجد دليل بلا احتمال فلا ينافي ذلك القطعية، فلذا والله تعالى أعلم. أشار الشارح إلى اختيار القول بالفرضية وقواه المحشي الحلبي، وهو اختيار الشرنبلالي لكن سيأتي أن الفرض ما قطع بلزومه حتى يكفر جاحده وهذا ليس كذلك لما في الخلاصة أنه لو أنكر الوضوء لغير الصلاة لا يكفر عندنا إلا أن يجاب بأنه من الفرض العملي، وهو أقوى نوعي الواجب وأضعف نوعي الفرض، فلا يكفر جاحده كما يأتي بيانه، وبه يحصل التوفيق بين القولين، والله الموفق. (قوله: وسنة للنوم) كذا في شرح الملتقى، لكن عده الشرنبلالي وغيره في المندوبات وجعل الأنواع ثلاثة فليحفظ ابن عبد الرزاق. (قوله: في نيف) قال في المختار: النيف بوزن الهين الزيادة يخفف ويشدد، ويقال عشرة ونيف ومائة ونيف، وكل ما زاد على العقد فهو نيف حتى يبلغ العقد الثاني ا هـ. ط. (قوله: ذكرتها في الخزائن) ذكرها في مكروهات الوضوء، فمنها عند استيقاظ من نوم، ولمداومة عليه، وللوضوء على الوضوء إذا تبدل المجلس، وغسل ميت وحمله، ولوقت كل صلاة، وقبل غسل جنابة، ولجنب عند أكل وشرب ونوم ووطء، ولغضب وقراءة وحديث وروايته، ودراسة علم، وأذان وإقامة، ولخطبة ولو نكاحا، وزيارة النبي صلى الله عليه وسلم ووقوف وسعي شرنبلالي، ومس كتب شرعية تعظيما لها إمداد وسيجيء، ونظر لمحاسن امرأة نهر، ولمطلق الذكر كما يأتي قبيل المياه، وفي ابتداء الغسل كما يأتي في محله ولكل صلاة لو متوضئا؛ لأنه ربما اغتاب أو كذب، فإن لم يمكنه تيمم ونوى به رفع الإثم فتاوى الصوفية، فهي مع السبعة التي هي هنا نيف وثلاثون كما ذكره أفاده ابن عبد الرزاق. (قوله: بعد كذب وغيبة) لأنهما من النجاسات المعنوية؛ ولذا يخرج من الكاذب نتن يتباعد منه الملك الحافظ كما ورد في الحديث، وكذا أخبره صلى الله عليه وسلم عن ريح منتنة بأنها ريح الذين يغتابون الناس والمؤمنين ولإلف ذلك منا وامتلاء أنوفنا منها لا تظهر لنا كالساكن في محلة الدباغين وسيأتي إن شاء الله تعالى في كتاب الحظر والإباحة الكلام على الكذب والغيبة وما يرخص منهما. (قوله: وقهقهة) لأنها لما كانت في الصلاة جناية تنقض الوضوء أوجبت نقصان الطهارة خارجها فكان الوضوء منها مستحبا كما ذكره سيدي عبد الغني النابلسي في نهاية المراد على هدية ابن العماد. (قوله: وشعر) أي قبيح إمداد وقدمنا بيان القبيح منه وغير القبيح عند الكلام على المقدمة، ومن أراد من بيانه نهاية المراد فعليه بنهاية المراد. (قوله: وأكل جزور) أي أكل لحم جزور: أي جمل، لقول بعضهم بوجوب الوضوء منه، وهذا يدخل في عموم قوله بعد وللخروج من خلاف العلماء أفاده ط. (قوله: وبعد كل خطيئة) عطف عام على خاص بالنسبة إلى ما ذكره مما هو خطيئة وذلك لما ورد في الأحاديث من تكفير الوضوء للذنوب. (قوله: وللخروج من خلاف العلماء) كمس ذكره ومس امرأة. (قوله: وركنها) هو في اللغة الجانب الأقوى. وفي الاصطلاح الجزاء الذاتي الذي تتركب الماهية منه ومن غيره شرح المنية للحلبي. (قوله: غسل ومسح وزوال نجس) أي مجموع الثلاثة، ففي النجاسة المرئية زوال عين النجس، وفي غير المرئية والحدث الأكبر غسل فقط، وفي الحدث الأصغر غسل ومسح، وأما نحو العصر والتثليث فمن الشروط. (قوله: ونحوهما) من مائع وذلك وذكاة وغير ذلك مما سيأتي في المطهرات. (قوله: وهي مدنية) لأنها من المائدة، وهي من آخر القرآن نزولا. [فائدة] المدني ما نزل بعد الهجرة وإن كان في غير المدينة، والمكي ما نزل قبلها وإن كان في غير مكة، وهو الأصح من أقوال ثلاثة حكاها السيوطي في الإتقان ط. (قوله: وأجمع أهل السير) جمع سيرة أي المغازي، وهذا رد لما يقال يلزم أن تكون الصلاة بلا وضوء إلى وقت نزول آية الوضوء؛ لأنك ذكرت أن آية الوضوء مدنية مع أن الصلاة فرضت بمكة ليلة الإسراء، بل في المواهب عن فتح الباري أنه كان صلى الله عليه وسلم قبل الإسراء يصلي قطعا وكذلك أصحابه، ولكن اختلف هل افترض قبل الخمس شيء من الصلاة أم لا؟ فقيل إن الفرض كان صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها}. ا هـ. (قوله: مع فرض الصلاة) إن أريد بها الصلوات الخمس أشكل بما قدمناه آنفا أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبلها قطعا، والظاهر أن المعية للمكان لا للزمان، فلا يلزم أن تكون صلاته قبل الافتراض بلا وضوء؛ ولذا عمم بعده بقوله وأنه عليه الصلاة والسلام إلخ. مطلب في تعبده عليه الصلاة والسلام بشرع من قبله (قوله: بل هو شريعة من قبلنا) انتقال إلى جواب آخر، وهو مبني على المختار من أنه عليه الصلاة والسلام قبل مبعثه كان متعبدا بشرع من قبله؛ لأن التكليف لم ينقطع من بعثة آدم ولم يترك الناس سدى قط، ولتظافر روايات صلاته وصومه وحجه، ولا تكون طاعة بلا شرع؛ لأن الطاعة موافقة الأمر وكذا بعد مبعثه عليه الصلاة والسلام، وبسط ذلك في التحرير وشرحه، وسيأتي أول كتاب الصلاة أن المختار عندنا عدمه وهو قول الجمهور. (قوله: بدليل إلخ) أي بدليل الحديث الذي رواه أحمد والدارقطني عن ابن عمر رضي الله عنه وفي آخره «ثم دعا بماء فتوضأ ثلاثا ثم قال هذا وضوئي» إلخ ". مطلب ليس أصل الوضوء من خصوصيات هذه الأمة بل الغرة والتحجيل ودفع بأن وجوده في الأنبياء لا يدل على وجوده في أممهم؛ ولهذا قيل إنه من خصائص هذه الأمة بالنسبة إلى بقية الأمم دون أنبيائهم، لحديث البخاري: «إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء». وأجيب بأن الظاهر منه أن الخاص بهذه الأمة الغرة والتحجيل لا أصل الوضوء، وبأن الأصل أن ما ثبت للأنبياء يثبت لأممهم، يؤيده ما في البخاري من قصة سارة مع الملك أنه لما هم بالدنو منها قامت تتوضأ وتصلي، ومن قصة جريج الراهب أنه قام فتوضأ، قيل يمكن حمل هذا على الوضوء اللغوي. أقول: حيث ثبت الوضوء الشرعي للأنبياء بحديث هذا وضوئي إلخ، فحمل الوضوء الثابت لأممهم بالقصتين المذكورتين على اللغوي لا بد له من دليل؛ لأن الأصل عدم الفرق. (قوله: من غير إنكار إلخ) أفاد أنه لا يحتاج إلى قيام الدليل على بقائه، أما لو نص علينا مقترنا بالإنكار كما في قوله تعالى: {حرمنا عليهم شحومهما} الآية فإنه أنكر بقوله تعالى: {قل لا أجد فيما أوحي إلي} الآية وكتحريم السبت، أو ظهر نسخه بعد إقراره كالتوجه إلى بيت المقدس فلا يكون شرعا لنا، بخلاف نحو: {وكتبنا عليهم فيها} ونحو صوم عاشوراء. (قوله: ففائدة نزول الآية إلخ) جواب عما يقال إذا كان الوضوء فرض بمكة مع فرضية الصلاة وهو أيضا شرع من قبلنا فقد ثبتت فرضيته فما فائدة نزول آية المائدة؟ أفاده ط. (قوله: تقرير الحكم الثابت) أي تثبيته، فإنه لما لم يكن عبادة مستقلة بل تابعا للصلاة احتمل أن لا تهتم الأمة بشأنه، وأن يتساهلوا في شرائطه وأركانه بطول العهد عن زمن الوحي وانتقاص الناقلين يوما فيوما، بخلاف ما إذا ثبت بالنص المتواتر الباقي في كل زمان وعلى كل لسان. ا هـ. درر. (قوله: وتأتي) مصدر تأتي معطوف على " تقرير ". (قوله: اختلاف العلماء) أي المجتهدين في النية والدلك والترتيب ونقضه بالمس وقدر الممسوح. (قوله: على نيف وسبعين حكما) منها أن المراد بالقيام إرادته واقتضاء اللفظ إيجاب الغسل عقبه؛ لأنه محكم، وأن الواجب الإسالة دون المسح بلا اشتراط الدلك ولا النية ولا الترتيب ولا الولاء، وجواز مسح الرأس من أي جانب كان، ودلالتها على بطلان الجمع بين الغسل والمسح، وعلى جواز مسح الخفين، وعلى أن الاستنجاء ليس بفرض، وعلى تعميم البدن في الغسل، وعلى وجوب المضمضة والاستنشاق فيه، وعلى وجوب التيمم لمريض خاف الضرر وعلى جوازه في كل وقت، وعلى جوازه لخائف سبع وعدو، وعلى جوازه للجنب، وعلى أن ناسي الماء يتيمم مع وجوده، وعلى أن المتيمم إذا وجد الماء خلال الصلاة يلزمه الوضوء، وعلى جواز الوضوء بماء نبيذ التمر ا هـ. ملخصا من شرح ابن عبد الرزاق. قال: وإنما اقتصرنا على ذلك لاستبعاد بعضها وتقارب بعضها البعض. (قوله: كلها) أي الثمانية أي كل واحدة منها فيه شيئان فالجملة ستة عشر ط. (قوله: طهارتين) تثنية طهارة بالمعنى المصدري ط. (قوله: الوضوء والغسل) أي في قوله تعالى: {فاغسلوا وجوهكم} وقوله: {وإن كنتم جنبا فاطهروا}. (قوله: الماء والصعيد) أي في قوله: {فاغسلوا} لأن الغسل بالماء، وقوله: {فتيمموا صعيدا}. (قوله: وحكمين) تثنية حكم بمعنى محكوم به: أي مأمور به ط. (قوله: وموجبين) بكسر الجيم فإنهما موجبان للطهارة ط أي بناء على القول بأن الحدث هو سبب الوجوب. (قوله: الحدث) أي الأصغر في قوله تعالى: {أو جاء أحد منكم من الغائط} والجنابة: أي الحدث الأكبر في قوله تعالى: {وإن كنتم جنبا}. (قوله: ومبيحين) أي للترخص بالتيمم. (قوله: المرض والسفر) أي في قوله تعالى: {وإن كنتم مرضى أو على سفر}. (قوله: والإجمالي) أي في قوله تعالى: {فاطهروا} فإنه لم يفصل فيه مقدار المغسول كما فصل في الوضوء؛ ولذا وقع في مقداره اختلاف المجتهدين. (قوله: وكنايتين) تثنية كناية، ومن معانيها لغة أن تتكلم بشيء وأنت تريد غيره وهنا كذلك، فإنه عبر بالغائط وهو المكان المنخفض وأريد به الخارج من الإنسان، وعبر بالملامسة المأخوذة من المس باليد وأريد بها الجماع ومنه يقال للزانية لا تمنع كف لامس. (قوله: وكرامتين إلخ) أي نعمتين تفضل بهما تعالى على عباده بقوله: {ليطهركم وليتم نعمته عليكم}. (قوله: تطهير الذنوب) لما رواه مسلم ومالك مرفوعا: «إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه خرج كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقيا من الذنوب» وفي رواية لمسلم وغيره مرفوعا: «من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره». (قوله: أي بموته شهيدا) أقول أو بالغرة والتحجيل يوم القيامة، لحديث البخاري المار. (قوله: ليعم إلخ) أي فإنه لو قال آمنتم لاختص بالحاضرين في عصره صلى الله عليه وسلم. ورده في غاية البيان بأن الموصوف بصفة عامة يتعمم. (قوله: وكأنه مبني إلخ) لأن ظاهره أن الأصل التعبير بآمنتم. (قوله: التفاتا) هو التعبير عن معنى بطريق من الطرق الثلاثة: أعني التكلم، أو الخطاب، أو الغيبة بعد التعبير عنه بآخر منها، بشرط أن يكون التعبير الثاني على خلاف ما يقتضيه الظاهر ويترقبه السامع. (قوله: والتحقيق خلافه) لأن المنادى مخاطب، فحق ضميره أن يأتي على طريق الخطاب، فيقال يا فلان إذا فعلت ولا يقال إذا فعل، وإنما جيء في الصلة بضمير الغائب لعوده على الموصول والموصول من الأسماء الظاهرة وكلها غيب، فإذا تم الموصول بصلته العائد ضميرها عليه تمحض الكلام للخطاب الذي اقتضاه النداء، فليس حينئذ في الكلام عدول عن طريق إلى آخر؛ ولذا كان جميع ما ورد في القرآن وكلام العرب من أمثال هذا النداء لم يجئ إلا على هذه الطريقة، فدعوى العدول في جميع ذلك لا تسمع نعم العائد إلى الموصول قد سمع فيه الخطاب والتكلم قليلا في غير النداء كما في قول علي كرم الله وجهه أنا الذي سمتني أمي حيدره وقول كثير: وأنت التي حببت كل قصيرة إلي وما تدري بذاك القصائر فهو من الالتفات كما قدمناه في أول الخطبة، وقدمناه هناك أيضا عن المغني أن القول بالالتفات في الآية سهو ومثله في شرح تلخيص المعاني. (قوله: التحقيقية) أي الدالة على تحقق مدخولها غالبا، وقوله: التشكيكية: أي الدالة على أنه مشكوك فيه غالبا، وقد تستعمل كل منهما مكان الأخرى كما بين في محله. [لطيفة] إن للشك مع أنها جازمة وإذا للجزم مع أنها لا تجزم، وقد ألغز في ذلك الإمام الزمخشري فقال: أنا إن شككت وجدتموني جازما وإذا جزمت فإنني لم أجزم (قوله: من الأمور اللازمة) أي الغالبة الوجود بالنظر إلى ديانة المسلم كما في غاية البيان للعلامة الأتقاني. (قوله: والجنابة إلخ) أي لأنها يمكن أن لا تقع أصلا ط. (قوله: في الغسل والتيمم) أي قوله تعالى: {وإن كنتم جنبا} وقوله تعالى: {أو جاء أحد منكم من الغائط}. (قوله: ليعلم أن الوضوء سنة إلخ) وهو الذي لا يكون عن حدث، وهذا يدل على أن قوله تعالى: {فاغسلوا} إلخ مستعمل في الوجوب والندب الوجوب في الحديث والندب في غيره وهو مخالف لما ذكروه من أن الحدث في الآية مراد. ويؤخذ منه أن التيمم والغسل لا يكونان إلا فرضا للتصريح بالحدث فيهما. وفيه أن الغسل يندب في مواضع ويسن في أخر، وكذا يقوم التيمم مقام الوضوء لنحو نوم ودخول مسجد، فلا يشترط فيهما أن يكونا فرضا ط لكن في النهاية لا يقال إن الغسل سنة للجمعة فيثبت التنوع فيه؛ لأنا نقول: المدعى أنه لا يسن لكل صلاة. أو نقول: إن اختيار البزدوي أنه سنة لليوم لا للصلاة. مطلب في حديث: «الوضوء على الوضوء نور على نور» (قوله: والوضوء على الوضوء نور على نور) هذا لفظ حديث ذكره في الإحياء. وقال الحافظ العراقي في تخريجه: لم أقف عليه، وسبقه لذلك الحافظ المنذري. وقال الحافظ ابن حجر: حديث ضعيف، رواه رزين في مسنده. ا هـ. جراحي، نعم روى أحمد بإسناد حسن مرفوعا: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم عند كل صلاة بوضوء} يعني ولو كانوا غير محدثين. وروى أبو داود والترمذي وابن ماجه مرفوعا: «من توضأ على طهر كتب له عشر حسنات» ولم يقيد الشارح باختلاف المجلس تبعا لظاهر الحديث، وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله في سنن الوضوء. (قوله: عبر بالأركان) أي ولم يعبر بالفرائض كما عبر غيره. (قوله: لأنه) أي التعبير المأخوذ من عبر ط. (قوله: أفيد) أي أكثر فائدة: قال في المنح: لأن الركن أخص، ولينبه على أن مراد من عبر بالفرض الأركان. ا هـ. (قوله: مع سلامته إلخ) اعترض بأن كما اعترف به فرض داخل الماهية، فهو أخص من مطلق الفرض ولازم الأعم لازم للأخص. وأجيب عنه بأن مفهوم الركن ما كان جزء الماهية وإن لزم هنا أن يكون فرضا؛ لأن المعتبر في الماهيات الاعتبارية ما اعتبره الواضع عند وضع الاسم لها، ولم يعتبر في الركن ثبوته بقطعي أو ظني. (قوله: بالربع) أي ربع الرأس، ومثله غسل المرفقين والكعبين، فإن لم يثبت شيء منها بقطعي ولذا لم يكفر المخالف فيها إجماعا كذا في الحلية. (قوله: يرد المغسول) أي من الأعضاء الثلاثة سوى المرفقين والكعبين، زاد في الدر المنتقى وإن أريدا يلزم عموم المشترك أو إرادة الحقيقة والمجاز. ا هـ. (قوله: بما لخصناه إلخ) أي من أنه من عموم المجاز. مطلب الفرق بين عموم المجاز والجمع بين الحقيقة والمجاز والفرق بينه وبين الجمع بين الحقيقة والمجاز أن الحقيقة في الأول تجعل فردا من الأفراد، بأن يراد معنى يتحقق في كلا الأفراد، بخلاف الثاني فإن الحقيقة يراد بها الوضع الأصلي، والمجاز يراد به الوضع الثانوي، فهما استعمالان متباينان، أو من أن المراد القطعي. ويجاب عن إيراد الممسوح بأن المراد أصل المسح فيه، وذلك قطعي لثبوته بالكتاب أو العملي: ويجاب عن إيراد المغسول بأن المراد القدر في الكل، ولا شك أنه من هذه الحيثية عملي، لخلاف زفر في المرفقين والكعبين وأبي يوسف فيما بين العذار والأذن ط. قال بعض الفضلاء: والمخلص من ذلك كله أن نقول: إطلاق الفرض عليهما حقيقة في اصطلاح الفقهاء فيسقط السؤال من أصله. ا هـ. أقول: وإلى هذا أشار في النهاية حيث أجاب بأن الفرض على نوعين: قطعي وظني، وهو الفرض على زعم المجتهد كإيجاب الطهارة بالفصد والحجامة، فإنهم يقولون يفترض عليه الطهارة عند إرادة الصلاة. ا هـ. ويأتي بيانه قريبا. (قوله: ثم الركن) ترتيب إخباري ط. (قوله: ما يكون فرضا) ومعناه لغة الجانب الأقوى كما قدمناه. (قوله: داخل الماهية) يعني بأن يكون جزءا منها يتوقف تقومها عليه، والماهية ما به الشيء هو هو، سميت بها لأنه يسأل عنها بما هو. (قوله: وأما الشرط) هو في اللغة العلامة. وفي الاصطلاح ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم، وقوله فما يكون خارجها بيان للمراد به هنا، والمراد ما يجب تقديمه عليها واستمراره فيها حقيقة أو حكما، فالشرط والركن متباينان كذا في الحلية. مطلب قد يطلق الفرض على ما ليس بركن ولا شرط وله: فالفرض أعم منهما) وقد يطلق على ما ليس واحدا منهما، كترتيب ما شرع غير مكرر في ركعة، كترتيب القراءة على القيام، والركوع على القراءة، والسجود على الركوع، والقعدة على السجود، فإن هذه التراتيب كلها فروض ليست بأركان ولا شروط، كذا في شرح المنية للحلبي. (قوله: وهو ما قطع بلزومه) مأخوذ من فرض: بمعنى قطع تحرير، ويسمى فرضا علما وعملا للزوم اعتقاده والعمل به. (قوله: حتى يكفر) بالبناء للمجهول: أي ينسب إلى الكفر من أكفره: إذا دعاه كافرا، وأما يكفر من التكفير فغير ثابت هنا وإن كان جائزا لغة كما في المغرب، والأصل حتى يكفر الشارع جاحده، سواء أنكره قولا أو اعتقادا كذا في شرح المنار لابن نجيم فقال (قوله: كأصل مسح الرأس) أي مجردا بربع أو غيره. مطلب في فرض القطعي والظني (قوله: وقد يطلق إلخ) قال في البحر: والظاهر من كلامهم في الأصول والفروع. أن الفرض على نوعين: قطعي وظني، هو في قوة القطعي في العمل بحيث يفوت الجواز بفواته، والمقدار في مسح الرأس من قبيل الثاني. وعند الإطلاق ينصرف إلى الأول لكماله. والفارق بين الظني القوي المثبت للفرض وبين الظني المثبت للواجب اصطلاحا خصوص المقام. ا هـ. أقول: بيان ذلك أن الأدلة السمعية أربعة: الأول قطعي الثبوت والدلالة كنصوص القرآن المفسرة أو المحكمة والسنة المتواترة التي مفهومها قطعي. الثاني قطعي الثبوت ظني الدلالة كالآيات المؤولة. الثالث عكسه كأخبار الآحاد التي مفهومها قطعي. الرابع ظنيهما كأخبار الآحاد التي مفهومها ظني، فبالأول يثبت الفرض والحرام، وبالثاني والثالث الواجب وكراهة التحريم، وبالرابع السنة والمستحب. ثم إن المجتهد قد يقوى عنده الدليل الظني حتى يصير قريبا عنده من القطعي، فما ثبت به يسميه فرضا عمليا؛ لأنه يعامل معاملة الفرض في وجوب العمل، ويسمى واجبا نظرا إلى ظنية دليله، فهو أقوى نوعي الواجب وأضعف نوعي الفرض، بل قد يصل خبر الواحد عنده إلى حد القطعي؛ ولذا قالوا إنه إذا كان متلقى بالقبول جاز إثبات الركن به حتى ثبتت ركنية الوقوف بعرفات بقوله صلى الله عليه وسلم: «الحج عرفة» وفي التلويح أن استعمال الفرض فيما ثبت بظني. والواجب فيما ثبت بقطعي شائع مستفيض، فلفظ الواجب يقع على ما هو فرض علما وعملا كصلاة الفجر، وعلى ظني هو في قوة الفرض في العمل كالوتر حتى يمنع تذكره صحة الفجر كتذكر العشاء، وعلى ظني هو دون الفرض في العمل وفوق السنة كتعيين الفاتحة حتى لا تفسد الصلاة بتركها لكن تجب سجدة السهو. ا هـ. وتمام تحقيق هذا المقام في فصل المشروعات من حواشينا على شرح المنار فراجعه فإنك لا تجده في غيرها. (قوله: فلا يكفر جاحده) لما في التلويح من أن الواجب لا يلزم اعتقاد حقيقته لثبوته بدليل ظني، ومبنى الاعتقاد على اليقين، لكن يلزم العمل بموجبه للدلائل الدالة على وجوب اتباع الظن، فجاحده لا يكفر، وتارك العمل به إن كان مؤولا لا يفسق ولا يضلل؛ لأن التأويل في مظانه من سيرة السلف، وإلا فإن كان مستخفا يضلل؛ لأنه رد خبر الواحد والقياس بدعة، وإن لم يكن مؤولا ولا مستخفا يفسق لخروجه عن الطاعة بترك ما وجب عليه. ا هـ. أقول: وما ذكره العلامة الأكمل في العناية من أنا لا نسلم عدم التكفير لجاحد مقدار المسح بلا تأويل لعله مبني على ما ذهب هو إليه كصاحب الهداية من أن الآية مجملة في حق المقدار، وأن حديث المغيرة من مسحه عليه الصلاة والسلام بناصيته التحق بيانا لها فيكون ثابتا بقطعي؛ لأن خبر الواحد إذا التحق بيانا للمجمل كان الحكم بعده مضافا للمجمل لا للبيان. وما رد به في البحر على صاحب الهداية أجبت عنه فيما علقته عليه. (قوله: غسل الوجه) الغسل بفتح الغين لغة: إزالة الوسخ عن الشيء بإجراء الماء عليه، وبضمها اسم لغسل تمام الجسد وللماء الذي يغسل به، وبكسرها ما يغسل به الرأس من خطمي وغيره بحر، والمراد الأول، وإضافته إلى الوجه من إضافة المصدر إلى مفعوله والفاعل محذوف أي غسل المتوضئ وجهه؛ ولكن يرد عليه أنه يكون صفة للفاعل وهو غير شرط إذ لو أصابه الماء من غير فعل كفى، فالأولى جعله مصدر المبني للمجهول على إرادة الحاصل بالمصدر أي مغسولية الوجه. قال في حواشي المطول: المصدر يستعمل في أصل النسبة وفي الهيئة الحاصلة منها للمتعلق معنوية أو حسية كهيئة المتحركية الحاصلة من الحركة وتسمى الحاصلة بالمصدر، وتلك الهيئة للفاعل فقط في اللازم كالمتحركية والقائمية من الحركة والقيام، أو للفاعل والمفعول للمتعدي كالعالمية من العلم واستعمال المصدر بالمعنى الحاصل بالمصدر استعمال الشيء في لازم معناه انتهى أي فهو مجاز مرسل. (قوله: أي إسالة الماء إلخ) قال في البحر: واختلف في معناه الشرعي، فقال أبو حنيفة ومحمد: هو الإسالة مع التقاطر ولو قطرة حتى لو لم يسل الماء بأن استعمله استعمال الدهن لم يجز في ظاهر الرواية، وكذا لو توضأ بالثلج ولم يقطر منه شيء لم يجز. عن أبي يوسف هو مجرد بل المحل بالماء سال أو لم يسل. ا هـ. واعلم أنه صرح كغيره بذكر التقاطر مع الإسالة وإن كان حد الإسالة أن يتقاطر الماء للتأكيد، وزيادة التنبيه على الاحتراز عن هذه الرواية على أنه ذكر في الحلية عن الذخيرة وغيرها أنه قيل في تأويل هذه الرواية إنه سال من العضو قطرة أو قطرتان ولم يتدارك. ا هـ. والظاهر أن معنى لم يتدارك لم يقطر على الفور بأن قطر بعد مهلة، فعلى هذا يكون ذكر السيلان المصاحب للتقاطر احترازا عما لا يتدارك فافهم، ثم على هذا التأويل يندفع ما أورد على هذه الرواية من أن البل بلا تقاطر مسح، فيلزم أن تكون الأعضاء كلها ممسوحة مع أنه تعالى أمر بالغسل والمسح. (قوله: ولو قطرة) على هذا يكون التقاطر بمعنى أصل الفعل. ا هـ. ح. (قوله: أقله قطرتان) يدل عليه صيغة التفاعل. ا هـ. ح. ثم لا يخفى أن هذا بيان للفرض الذي لا يجزئ أقل منه؛ لأنه في صدد بيان الغسل المفروض وسيأتي أن التقتير مكروه، ولا يمكن حمل التقتير على ما دون القطرتين؛ لأن الوضوء حينئذ لا يصح لما علمت، فتعين أنه لا ينتفي التقتير إلا بالزيادة على ذلك، بأن يكون التقاطر ظاهرا ليكون غسلا بيقين، وبدونها يقرب إلى حد الدهن وربما لا يتيقن بسيلان الماء على جميع أجزاء العضو فلذاكره فافهم. (قوله: لأن الأمر) وهو هنا قوله تعالى: {فاغسلوا}. (قوله: لا يقتضي التكرار) أي لا يستلزمه بل ولا يحتمله في الصحيح عندنا، وإنما يستفاد من دليل خارجي كتكرر الصلاة لتكرر أوقاتها. مطلب في معنى الاشتقاق وتقسيمه إلى ثلاثة أقسام (قوله: مشتق إلخ) المراد بالاشتقاق الأخذ مجازا علاقته الإطلاق والتقييد، إذ الاشتقاق في الصرف أخذ واحد من الأشياء العشرة من المصدر وهي الماضي والمضارع والأمر واسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة وأفعل التفضيل واسم الزمان والمكان والآلة والوجه ليس منها ا هـ. ح لكن في تعريفات السيد، الاشتقاق نزع لفظ من آخر بشرط مناسبتهما معنى وتركيبا ومغايرتهما في الصيغة، فإن كان بينهما تناسب في الحروف والترتيب كضرب من الضرب فهو اشتقاق صغير، أو في اللفظ والمعنى دون الترتيب كجبذ من الجذب فكبير، أو في المخرج كنعق من النهق فأكبر ا هـ. ونحوه في شرح التحرير قال: وقد تسمى أصغر وصغيرا وأكبر، وقد تسمى أصغر وأوسط وأكبر، الأول أشهر، وما نحن فيه من القسم الأول فافهم. (قوله: شائع) خبر اشتقاق؛ وذلك لأن معنى الاشتقاق أن ينتظم الصيغتين فأكثر معنى واحد وفي هذا لا توقيت، بأن يكون المشتق منه ثلاثيا، فجاز أن يكون المزيد أشهر وأقرب للفهم من الثلاثي لكثرة الاستعمال، فصح ذكر الاشتقاق لإيضاح معناه وإن لم يكن المزيد أصلا له أفاده في النهاية. (قوله: من الارتعاد) أي الاضطراب أخذ منه الرعد، لاضطرابه في السماء أو اضطراب السحاب منه. (قوله: واليم) وهو البحر، من التيمم: وهو القصد: قال في الكشاف: لأن الناس يقصدونه. وقال أيضا: واشتقاق البرج من التبرج لظهوره. وقال في الفائق: والجن من الاجتنان، لاستتارهم عن العيون. (قوله: سطح جبهته) أي أعلاها ط. (قوله: بقرينة المقام) وهي كون المتوضئ أو المكلف فاعل المصدر الذي هو غسل. ا هـ. ط. (قوله: أي منبت أسنانه السفلى) تفسير للذقن بالتحريك: أي إلى أسفل العظم الذي عليه الأسنان السفلى: وهو ما تحت العنفقة. (قوله: طولا) منصوب على التمييز ط. (قوله: كان عليه) أي على الوجه. (قوله: شعر) بالإسكان ويحرك قاموس. (قوله: عدل عن قولهم) أي عدل المصنف عن قول بعض الفقهاء في تعريف الوجه طولا كالكنز والملتقى ط. (قوله: قصاص) بتثليث القاف والضم أعلاها حيث ينتهي نباته في الرأس نهر. (قوله: الجاري) صفة لقولهم ط. (قوله: على الغالب) أي في الأشخاص، إذ الغالب فيهم طلوع الشعر من مبدأ سطح الجبهة، ومن غير الغالب الأغم وأخواه ط. (قوله: إلى المطرد) أي العام في جميع الأفراد ط. (قوله ليعم الأغم إلخ) هو الذي سال شعر رأسه حتى ضيق الجبهة. والأصلع: هو الذي انحسر مقدم شعر رأسه: والأنزع: هو الذي انحسر شعره من جانبي جبهته. ا هـ. ح عن جامع اللغة. أقول: وبقي الأقرع، وهو من ذهب شعر رأسه قاموس. (قوله: شحمتي الأذنين) أي ما لان منهما، والأذن بضم الذال ولك إسكانها تخفيفا أفاده في النهر، وانظر ما وجه التحديد بالشحمتين مع أن الظاهر أن يقال ما بين الأذنين، ولعل وجهه أن الشحمتين لما اتصلتا ببعض الوجه وهو البياض الذي خلف العذار صار مظنة أن يجب غسلهما مثلا فجعلوا الحد بهما لدفع ذلك تأمل. (قوله: وحينئذ) أي حين إذ علمت حد الوجه طولا وعرضا ط. (قوله: فيجب غسل المياقي) جمع موق، وهو على ما في النسخ بالياء الممدودة بعد الميم والصواب بالهمزة الممدودة، فقد ذكر في القاموس في باب القاف عشر لغات في الموق: منها مأق بالهمزة وموق ومأقئ بهمزة قبل القاف وهمزة بعدها: وهو طرف العين المتصل بالأنف، ثم ذكر بعد الكل أربعة جموع: آماق وإماق أي بهمزة ممدودة في أوله أو قبل آخره ومواق وماق، ولم يذكر المياقي لا في المفردات ولا في الجموع هذا. وفي البحر لو رمدت عينه فرمصت يجب إيصال الماء تحت الرمص إن بقي خارجا بتغميض العين وإلا فلا ا هـ. هذا. وفي بعض النسخ فيجب غسل الملاقي، ويغني عنه قول المصنف الآتي وغسل جميع اللحية فرض؛ لأن المراد بالملاقي ما لاقى البشرة منها كما في الدرر. وفي شرحها للشيخ إسماعيل: والملاقي هو ما كان غير خارج عن دائرة الوجه، وهو احتراز عن المسترسل: وهو ما خرج عن دائرة الوجه، فإنه لا يجب غسله ولا مسحه بل يسن. ا هـ. ويأتي تمام الكلام عليه. (قوله: وما يظهر) أي يفترض غسله كما صححه في الخلاصة، وقيل الشفة تبع للفم أفاده في البحر. (قوله: عند انضمامها) أشار بصيغة الانفعال إلى أن المراد ما يظهر عند انضمامها الطبيعي لا عند انضمامها بشدة وتكلف. ا هـ. ح وكذا لو غمض عينيه شديدا لا يجوز بحر، لكن نقل العلامة المقدسي في شرحه على نظم الكنز أن ظاهر الرواية الجواز، وأقره في الشرنبلالية تأمل. (قوله: وما بين العذار والأذن) أي ما بينهما من البياض. (قوله: وبه يفتى) وهو ظاهر المذهب، وهو الصحيح، وعليه أكثر المشايخ: قال في البدائع: وعن أبي يوسف عدمه، وظاهره أن مذهبه بخلافه بحر؛ لأن كلمة عن تفيد أنه رواية عنه، والخلاف في الملتحي، أما المرأة والأمرد والكوسج فيفترض الغسل اتفاقا در منتقى. (قوله: لا غسل باطن العينين إلخ) لأنه شحم يضره الماء الحار والبارد، وهذا لو اكتحل بكحل نجس لا يجب غسله كذا في مختارات النوازل لصاحب الهداية. (قوله: والأنف والفم) معطوفان على العينين أي لا يجب غسل باطنهما أيضا. (قوله: وأصول شعر الحاجبين) يحمل هذا على ما إذا كانا كثيفين، أما إذا بدت البشرة فيجب كما يأتي له قريبا عن البرهان، وكذا يقال في اللحية والشارب، ونقله ح عن عصام الدين شارح الهداية ط. (قوله: وونيم ذباب) أي خرؤه: قال في بحث الغسل: ولا يمنع الطهارة ونيم ذباب وبرغوث لم يصل الماء تحته وحناء ولو جرمه به يفتى، ودرن ودهن وتراب وطين إلخ. (قوله: للحرج) علة لقوله لا غسل إلخ أي فإن هذه المذكورات وإن كانت داخلة في حد الوجه المذكور إلا أنها لا يجب غسلها للحرج. وعلل في الدرر بأن محل الفرض استتر بالحائل وصار بحال لا يواجه الناظر إليه فسقط الفرض عنه وتحول إلى الحائل. (قوله: أسقط لفظ فرادى) تعريض بصاحب الدرر حيث قيد به. ا هـ. ح، ومعناه غسل كل يد منفردة عن الأخرى ط. (قوله: لعدم إلخ) أي لأنه في صدد بيان فرائض الوضوء، فيشعر كلامه بأن الانفراد لازم مع أنه لو غسلهما معا سقط الفرض. (قوله: الباديتين) أي الظاهرتين اللتين لا خف عليهما ط. (قوله: فإن المجروحتين إلخ) علة للتقييد بالقيدين السابقين على سبيل اللف والنشر المشوش ط. (قوله: وظيفتهما المسح) لكنه مختلف الكيفية كما يأتي ط. (قوله: لما مر) أي من أن الأمر لا يقتضي التكرار. (قوله: مع المرفقين) تثنية مرفق بكسر الميم وفتح الفاء وفيه العكس: اسم لملتقى العظمات عظم العضد وعظم الذراع، وأشار المصنف إلى أن إلى في الآية بمعنى مع، وهو مردود؛ لأنهم قالوا إن اليد من رءوس الأصابع للمنكب، فإن كانت إلى بمعنى مع وجب الغسل إلى المنكب؛ لأنه كغسل القميص وكمه، وغايته أنه كإفراد فرد من العام وذلك لا يخرج غيره بحر. والجواب أن المراد من اليد في الآية من الأصابع إلى المرفق للإجماع على سقوط ما فوق ذلك، وعدل عن التعبير بإلى المحتملة لدخول المرفقين والكعبين وعدمه إلى التعبير بمع الصريحة بالدخول للاحتراز عن القول بعدمه المشار إليه بقول الشارح على المذهب: أي خلافا لزفر ومن قال بقوله من أهل الظاهر، وهو رواية عن مالك. (قوله: والكعبين) هما العظمان الناشزان من جانبي القدم أي المرتفعان كذا في المغرب وصححه في الهداية وغيرها، وروى هشام عن محمد أنه في ظهر القدم عند مقعد الشراك، قالوا: هو سهو من هشام؛ لأن محمدا إنما قال ذلك في المحرم إذا لم يجد النعلين حيث يقطع خفيه أسفل من الكعبين وأشار محمد بيده إلى موضع القطع فنقله هشام إلى الطهارة، وتمامه في البحر وغيره. (قوله: وما ذكروا) أي في الجواب عما أورد أنه ينبغي غسل يد ورجل؛ لأن مقابلة الجمع بالجمع تقتضي انقسام الآحاد على الآحاد. (قوله: بعبارة النص) أي بصريحه المسوق له ط. (قوله: بدلالته) أي أنه مفهوم منه بطريق المساواة. (قوله: ومن البحث في إلى) أي في كونها تدخل الغاية أو لا تدخلها، أو الأمر محتمل، والمرجح القرائن وغير ذلك مما أطال به في البحر ط. (قوله: وفي القراءتين) أي قراءتي الجر والنصب في {أرجلكم} من حمل الجر على حالة التخفيف والنصب على غيرها، أو أن الجر للجوار؛ لأن المسح غير مغيا بالكعبين إلى آخر ما أطال به في الدرر وغيرها. (قوله: قال في البحر لا طائل تحته) أي لا فائدة فيه والجملة خبر " ما " في قوله وما ذكروا أفاده ط. (قوله: بعد انعقاد الإجماع على ذلك) أي على افتراض غسل كل واحدة من اليدين والرجلين، وعلى دخول المرفقين والكعبين، وغسل الرجلين لا مسحهما أفاده ح. أقول: من استدل بالآية كالقدوري وغيره من أصحاب المتون يحتاج إلى ذلك ليتم دليله، على أن في ثبوت الإجماع على دخول المرفقين كلاما؛ لأنه في البحر أخذه من قول الإمام الشافعي: لا نعلم مخالفا في إيجاب دخول المرفقين في الوضوء. ورده في النهر بأن قول المجتهد لا أعلم مخالفا ليس حكاية للإجماع الذي يكون غيره محجوجا به، فقد قال الإمام اللامشي في أصوله: لا خلاف أن جميع المجتهدين لو اجتمعوا على حكم واحد ووجد الرضا من الكل نصا كان ذلك إجماعا، فأما إذا نص البعض وسكت الباقون لا عن خوف بعد اشتهار القول فعامة أهل السنة أن ذلك يكون إجماعا. وقال الشافعي: لا أقول إنه إجماع، ولكن أقول لا أعلم فيه خلافا: وقال أبو هاشم من المعتزلة: لا يكون إجماعا ويكون حجة أيضا. ا هـ. وقدمنا أيضا عن شرح المنية أن غسل المرفقين والكعبين ليس بفرض قطعي بل هو فرض عملي كربع الرأس؛ ولذا قال في النهر أيضا: لا يحتاج إلى دعوى الإجماع؛ لأن الفروض العملية لا يحتاج في إثباتها إلى القاطع. (قوله: ومسح ربع الرأس) المسح لغة إمرار اليد على الشيء. وعرفا إصابة الماء العضو. واعلم أن في مقدار فرض المسح روايات أشهرها ما في المتن. الثانية مقدار الناصية، واختارها القدوري. وفي الهداية وهي الربع. والتحقيق أنها أقل منه. الثالثة مقدار ثلاثة أصابع رواها هشام عن الإمام، وقيل هي ظاهر الرواية. وفي البدائع أنها رواية الأصول، وصححها في التحفة وغيرها. وفي الظهيرية وعليها الفتوى. وفي المعراج أنها ظاهر المذهب واختيار عامة المحققين، لكن نسبها في الخلاصة إلى محمد، فيحمل ما في المعراج من أنها ظاهر المذهب على أنها ظاهر الرواية عن محمد توفيقا وتمامه في النهر والبحر. والحاصل أن المعتمد رواية الربع، وعليها مشى المتأخرون كابن الهمام وتلميذه ابن أمير الحج وصاحب النهر والبحر والمقدسي والمصنف والشرنبلالي وغيرهم. (قوله: فوق الأذنين) فلو مسح على طرف ذؤابة شدت على رأسه لم يجز مقدسي. (قوله: أو بلل باق إلخ) هذا إذا لم يأخذه من عضو آخر مقدسي، فلو أخذه من عضو آخر لم يجز مطلقا بحر: أي سواء كان ذلك العضو مغسولا أو ممسوحا درر. (قوله: على المشهور) مقابله قول الحاكم بالمنع، وخطأه عامة المشايخ، وانتصر له المحقق ابن الكمال وقال الصحيح ما قاله الحاكم، فقد نص الكرخي في جامعه الكبير على الرواية عن أبي حنيفة وأبي يوسف أنه إذا مسح رأسه بفضل غسل ذراعيه لم يجز إلا بماء جديد؛ لأنه قد تطهر به مرة ا هـ. وأقره في النهر. (قوله: إلا أن يتقاطر) كذا ذكره في الغرر؛ لأنه كأخذ ماء جديد. (قوله: ولو مد إلخ) أي مد المسح حتى استوعب قدر الربع. وفي البدائع: لو وضع ثلاثة أصابع ولم يمدها جاز على رواية الثلاث أصابع لا الربع، ولو مسح بها منصوبة غير موضوعة ولا ممدودة فلا؛ لأنه لم يأت بالقدر المفروض: أي وهذا بالإجماع كما في النهر، فلو مدها حتى بلغ القدر المفروض لم يجز عند علمائنا الثلاثة خلافا لزفر، وكذا الخلاف في الإصبع والإصبعين إذا مدها وبلغ القدر المفروض ا هـ. ملخصا: بقي ما إذا وضع ثلاث أصابع ومدها وبلغ الربع قال في الفتح ولم أر فيه إلا الجواز، وتعقبه في النهر بقوله قد وقفت على ما هو المنقول يعني قول البدائع فلو مدها إلخ. أقول: وفيه نظر؛ لأن الضمير في قول البدائع فلو مدها إلخ عائد على المنصوبة: أي بأن مسح بأطرافها لا الموضوعة، على أنه قال في البحر لو مسح بأطراف أصابعه والماء متقاطر جاز وإلا فلا؛ لأنه إذا كان متقاطرا فالماء ينزل من أصابعه إلى أطرافها، فإذا مده صار كأنه أخذ ماء جديدا كذا في المحيط، وذكر في الخلاصة أنه يجوز مطلقا هو الصحيح. ا هـ. قال الشيخ إسماعيل: ونحوه في الواقعات والفيض. (قوله: لم يجز) قيل لأن البلة صارت مستعملة، وهو مشكل بأن الماء لا يصير قبل الانفصال، وبأنه يستلزم عدم الجواز بمد الثلاث على رواية الربع: وقيل لأنا مأمورون بالمسح باليد والأصبعان منها لا تسمى يدا بخلاف الثلاث؛ لأنها أكثرها. وفيه أنه يقتضي تعيين الإصابة باليد، وهو منتف بمسألة المطر: وقد يقال في العلة أن البلة تتلاشى وتفرغ قبل بلوغ قدر الفرض، بخلاف ما لو مد الثلاث وتمامه في فتح القدير. (قوله: إلا أن يكون مع الكف إلخ) لأنهما مع الكف أو مع ما بين الإبهام والسبابة يصيران مقدار ثلاث أصابع أو أكثر، فإذا مدهما وبلغ قدر الربع جاز، أما بدون مد فيجوز على رواية الثلاث كما صرح به في التتارخانية. (قوله: أو بمياه) قال في البحر: ولو مسح بأصبع واحدة ثلاث مرات وأعادها إلى الماء في كل مرة جاز في رواية محمد، أما عندهما فلا يجوز ا هـ. أي على رواية الربع لا يجوز، فما في الدر المنتقى من أنه يجوز اتفاقا فيه نظر، كذا قيل: وأقول: فيه نظر؛ لأن عبارته لو كان بمياه في مواضع مقدار الفرض جاز اتفاقا، فقوله مقدار الفرض شامل لرواية الثلاث أصابع، ولرواية الربع. وفي البدائع لو مسح بأصبع واحدة ببطنها وظهرها وجانبيها لم يذكر في ظاهر الراوية. واختلف المشايخ، فقال بعضهم لا يجوز، وقال بعضهم يجوز وهو الصحيح؛ لأن ذلك في معنى المسح بثلاث أصابع. ا هـ. قال في البحر: ولا يخفى أنه لا يجوز على المذهب من اعتبار الربع، وما في شرح المجمع لابن ملك من أنه لا يجوز اتفاقا في الأصح ففيه نظر. ا هـ. (قوله: أجزأه) أي إن أصاب الماء قدر الفرض ط. (قوله: ولم يصر الماء مستعملا) لأن الماء لا يعطى له الاستعمال إلا بعد الانفصال، والذي لاقى الرأس أي وأخويه أي الخف والجبيرة لصق به فطهره وغيره لم يلاقه فلا يستعمل، وفيه نظر كذا في الفتح. (قوله: اتفاقا) أي بين الصاحبين. (قوله: على الصحيح) قيد للاتفاق، ومقابله ما قيل إنه لو نوى لا يجزئ عند محمد. (قوله: جميع اللحية) بكسر اللام وفتحها نهر، وظاهر كلامهم أن المراد بها الشعر النابت على الخدين من عذار وعارض والذقن. وفي شرح الإرشاد: اللحية الشعر النابت بمجتمع الخدين والعارض ما بينهما وبين العذار وهو القدر المحاذي للأذن، يتصل من الأعلى بالصدغ ومن الأسفل بالعارض بحر. (قوله: يعني عمليا) ذكر بعضهم أن التفسير بأي للبيان والتوضيح والتفسير يعني لدفع السؤال وإزالة الوهم كذا في حاشية البحر للخير الرملي، وهنا كذلك لأنه دفع ما يتوهم من إطلاق الفرض أنه القطعي مع أن الآية لا تدل دلالة قطعية على انتقال حكم ما تحت اللحية من البشرة إليها. (قوله: أيضا) أي كما أن مسح ربع الرأس كذلك ط. (قوله: وما عدا هذه الرواية) أي من رواية مسح الكل أو الربع أو الثلث أو ما يلاقي البشرة أو غسل الربع أو الثلث أو عدم الغسل والمسح فالمجموع ثمانية. (قوله: كما في البدائع) هذا الكتاب جليل الشأن، لم أر له نظيرا في كتبنا، وهو للإمام أبي بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني شرح به تحفة الفقهاء لشيخه علاء الدين السمرقندي، فلما عرضه عليه زوجه ابنته فاطمة بعدما خطبها الملوك من أبيها فامتنع، وكانت الفتوى تخرج من دارهم وعليها خطها وخط أبيها وزوجها. (قوله: ثم لا خلاف) أي بين أهل المذهب على جميع الروايات ط. (قوله: أن المسترسل) أي الخارج عن دائرة الوجه، وفسره ابن حجر في شرح المنهاج بما لو مد من جهة نزوله لخرج عن دائرة الوجه، وعلى هذا فالنابت على أسفل الذقن لا يجب غسل شيء منه؛ لأنه بمجرد ظهوره يخرج عن حد الوجه؛ لأن ذلك جهة نزوله وإن كان لو مد إلى فوق لا يخرج عن حد الجبهة وكذا النابت على أطراف الحنك من اللحية، وأما النابت على الخدين فيجب غسل ما دخل منه في دائرة الوجه دون الزائد عليها؛ ولذا قال في البدائع: الصحيح أنه يجب غسل الشعر الذي يلاقي الخدين وظاهر الذقن لا ما استرسل من اللحية عندنا وعند الشافعي يجب؛ لأن ما استرسل تابع لما اتصل وللتبع حكم الأصل. ولنا أنه إنما يواجه إلى المتصل عادة لا إلى المسترسل فلم يكن وجها فلا يجب غسله ا هـ. فتأمل. ثم رأيت المصنف في شرحه على زاد الفقير قال ما نصه: وفي المجتبى قال البقالي: وما نزل من شعر اللحية من الذقن ليس من الوجه عندنا خلافا للشافعي ا هـ. ولا رواية في غسل الذؤابتين إذا جاوزتا القدمين في الجنابة، وكذا السلعة إذا تدلت عن الوجه: والصحيح أنه يجب غسلها في الجنابة وغسل السلعة في الوضوء أيضا. ا هـ. (قوله: بل يسن) أي المسح لكونه الأقرب لمرجع الضمير: وعبارة المنية صريحة في ذلك كذا في ح. (قوله: التي ترى بشرتها) قيد بذلك؛ لأنه الذي لا خلاف فيه. وأما ما في البدائع من أنه إذا نبت الشعر يسقط غسل ما تحته عند عامة العلماء كثيفا كان أو خفيفا؛ لأن ما تحته خرج من أن يكون وجها؛ لأنه لا يواجه به ا هـ. فمحمول على ما إذا لم تر بشرتها كما يشير إليه التعليل، فالخفيفة قسمان. والفرق بينها بالمعنى الثاني وبين الكثيفة العرف كما هو وجه عند الشافعية. والأصح عندهم أن الخفيفة ما ترى بشرتها في مجلس التخاطب، أفاده في الحلية. (قوله: لم يسترها الشعر) أما المستورة فساقط غسلها للحرج ط. ويستثنى منه ما إذا كان الشارب طويلا يستر حمرة الشفتين، ولما في السراجية من أن تخليل الشارب الساتر حمرة الشفتين واجب. ا هـ.؛ لأنه يمنع ظاهر وصول الماء إلى جميع الشفة أو بعضها ولا سيما إن كان كثيفا، وتخليله محقق لوصول الماء إلى جميعها، وتمامه في الحلية. (قوله: ولا يعاد الوضوء إلخ) لأن المسح على شعر الرأس ليس بدلا عن المسح عن البشرة؛ لأنه يجوز مع القدرة على مسح البشرة، ولو كان بدلا لم يجز. ا هـ. بحر. بقي ما إذا كانت اللحية كثيفة فإن ظاهر ما قدمنا عن الدرر عند قوله للحرج أن غسلها بدل عما تحتها، ومقتضاه إعادة غسله بحلق الشعر فليراجع، لكن قول البحر هنا؛ لأنه يجوز مع القدرة إلخ يفيد أنه ليس ببدل؛ لأنه يصح غسل بشرتها تأمل (قوله: ولا بل المحل) عبر بالبل ليشمل المسح والغسل. (قوله: الغسل للمحل إلخ) الأولى تقديم الوضوء؛ لأنه المذكور في كلام المصنف فيعود الضمير عليه، بل الأولى عدم ذكر شيء لظهور المراد أفاده ط. (قوله: ظفره) مثلث الظاء ط. (قوله: قرحة) أي جراحة ط. (قوله: كالدملة) مأخوذ من دمل بالفتح: بالمعنى أصلح، يقال دملت بين القوم: بمعنى أصلحت كما في الصحاح، وصلاحها ببرئها، فتسمية القرحة دملا تفاؤلا ببرئها، كالقافلة والمفازة ط. (قوله: وإن تألم بالنزع) في بعض النسخ بدون واو، والأصوب وإن لم يتألم كما أفاده ط؛ لأنه ذكر في التتارخانية وغيرها أنه إن نزع الجلدة بعد ما برئ بحيث لم يتألم فعليه الغسل، وإن قبله بحيث يتألم فلا. والأشبه أنه لا يلزمه الغسل فيهما جميعا وهو المأخوذ به ا هـ. ملخصا، فحالة التألم لا خلاف فيها، فإذا قال وإن لم يتألم يعلم عدم لزوم الغسل مع التألم بالأولى؛ لأن القاعدة أن نقيض ما بعد إن ولو الوصلتين أولى بالحكم. ويمكن الجواب بأنه أتى بالواو بدون لم لملاحظة التعليل بعدم البدلية؛ لأن انتفاء البدلية عند عدم التألم أولى منه عند التألم تأمل، وعلى كل فنسخة إن تألم بدون واو غير صحيحة، فافهم. (قوله: لعدم البدلية) علة لعدم الإعادة في المسائل كلها ط وذلك لأن البدلية تكون عند تعذر الأصل. (قوله: بخلاف نزع الخف) أي فإنه بنزعه يغسل ما تحته؛ لأنه بدل عن الغسل ظاهرا فلما نزعه سرى الحدث إلى القدم ط. (قوله: فصار) أي ما ذكر من الحلق والقلم والكشط. (قوله: ثم حته أو قشره) هما بمعنى واحد كما في القاموس: أي حت محل المسح منه. (قوله: شقاق) هو بالضم. وفي التهذيب قال الليث: هو تشقق الجلد من برد أو غيره في اليدين والوجه: وقال الأصمعي: الشقاق في اليد والرجل من بدن الإنسان والحيوان، وأما الشقوق فهي صدوع في الجبال والأرض. وفي التكملة عن يعقوب: يقال بيد فلان شقوق ولا يقال شقاق؛ لأن الشقاق في الدواب: وهي صدوع في حوافرها وأرساغها مغرب. (قوله: وإلا تركه) أي وإن لم يمسحه بأن لم يقدر على المسح تركه. (قوله: ولا يقدر على الماء) أي على استعماله لمانع في اليد الأخرى، ولا يقدر على وضع وجهه ورأسه في الماء. (قوله: تيمم) زاد في الخزائن وصلاته جائزة عنده خلافا لهما، ولو كان في رجله فجعل فيه الدواء يكفيه إمرار الماء فوقه ولا يكفيه المسح، ولو أمره فسقط إن عن برء يعيده وإلا فلا كما في الصغرى. ا هـ. ابن عبد الرزاق. (قوله: ولو قطع إلخ) قال في البحر: ولو قطعت يده أو رجله فلم يبق من المرفق والكعب شيء سقط الغسل، ولو بقي وجب. ا هـ. ط. (قوله: ولو خلق له) أي من جانب واحد. (قوله: فلو يبطش) بالضم والكسر كما في القاموس، والبطش قاصر على اليدين، فلو قال ويمشي بهما نظرا إلى الرجلين لكان حسنا ط. (قوله: ولو بإحداهما إلخ) أي ولو يبطش بإحداهما فهي الأصلية والأخرى زائدة لا يجب غسلهما، وظاهره ولو كانت تامة. وفي النهر: ولم أر حكم ما لو كانتا تامتين متصلتين أو منفصلتين والظاهر وجوب غسلهما في الأول وغسل واحدة في الثاني. ا هـ. فلم يعتبر البطش والظاهر أنه يعتبر البطش أولا، فإن بطش بهما وجب غسلهما وإلا فإن كانتا تامتين متصلتين وجب غسلهما، وإن كانتا منفصلتين لا يجب إلا غسل الأصلية التي يبطش بها وهو حسن جمعا بين العبارتين ط. (قوله: كأصبع) تنظير لا تمثيل؛ لأن الكلام في اليد. (قوله: وسننه إلخ) اعلم أن المشروعات أربعة أقسام، فرض وواجب وسنة ونفل، فما كان فعله أولى من تركه مع منع الترك إن ثبت بدليل قطعي ففرض، أو بظني فواجب، وبلا منع الترك إن كان مما واظب عليه الرسول صلى الله عليه وسلم أو الخلفاء الراشدون من بعده فسنة، وإلا فمندوب ونفل.مطلب في السنة وتعريفها والسنة نوعان: سنة الهدي، وتركها يوجب إساءة وكراهية كالجماعة والأذان والإقامة ونحوها. وسنة الزوائد، وتركها لا يوجب ذلك كسير النبي عليه الصلاة والسلام في لباسه وقيامه وقعوده. والنفل ومنه المندوب يثاب فاعله ولا يسيء تاركه، قيل: وهو دون سنن الزوائد. ويرد عليه أن النفل من العبادات وسنن الزوائد من العادات، وهل يقول أحد إن نافلة الحج دون التيامن في التنعل والترجل، كذا حققه العلامة ابن الكمال في تغيير التنقيح وشرحه. أقول: فلا فرق بين النفل وسنن الزوائد من حيث الحكم؛ لأنه لا يكره ترك كل منهما، وإنما الفرق كون الأول من العبادات والثاني من العادات، لكن أورد عليه أن الفرق بين العبادة والعادة هو النية المتضمنة للإخلاص، كما في الكافي وغيره، وجميع أفعاله صلى الله عليه وسلم مشتملة عليها كما بين في محله. وأقول: قد مثلوا لسنة الزوائد أيضا {بتطويله عليه الصلاة والسلام القراءة والركوع والسجود}، ولا شك في كون ذلك عبادة، وحينئذ فمعنى كون سنة الزوائد عادة أن النبي صلى الله عليه وسلم واظب عليها حتى صارت عادة له ولم يتركها إلا أحيانا؛ لأن السنة هي الطريقة المسلوكة في الدين، فهي في نفسها عبادة وسميت عادة لما ذكرنا. ولما لم تكن من مكملات الدين وشعائره سميت سنة الزوائد، بخلاف سنة الهدي، وهي السنن المؤكدة القريبة من الواجب التي يضلل تاركها؛ لأن تركها استخفاف بالدين، وبخلاف النفل فإنه كما قالوا ما شرع لنا زيادة على الفرض والواجب والسنة بنوعيها؛ ولذا جعلوا قسما رابعا، وجعلوا منه المندوب والمستحب، وهو ما ورد به دليل ندب يخصه، كما في التحرير؛ فالنفل ما ورد به دليل ندب عموما أو خصوصا ولم يواظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولذا كان دون سنة الزوائد، كما صرح به في التنقيح. وقد يطلق النفل على ما يشمل السنن الرواتب، ومنه قوله: باب الوتر والنوافل، ومنه تسمية الحج نافلة لأن النفل الزيادة، وهو زائد على الفرض مع أنه من شعائر الدين العامة، ولا شك أنه أفضل من تثليث غسل اليدين في الوضوء ومن رفعهما للتحريمة مع أنهما من السنن المؤكدة، فتعين ما قلنا، وبه اندفع ما أورده ابن الكمال، فاغتنم تحقيق هذا المحل فإنك لا تجده في غير هذا الكتاب، والله تعالى أعلم. بالصواب. (قوله: أفاد إلخ) حيث ذكر السنن عقب الأركان هنا وفي الغسل ولم يذكر لهما واجبا، ولو لم يكن كلامه مفيدا ذلك لقدم ذكر الواجب على السنن؛ لأنه أقوى، فمقتضى الصناعة تقديمه. وأراد بالواجب ما كان دون الفرض في العمل، وهو أضعف نوعي الواجب، لا ما يشمل النوع الآخر، وهو ما كان في قوة الفرض في العمل، لأن غسل المرفقين والكعبين ومسح ربع الرأس من هذا النوع الثاني، وكذا غسل الفم والأنف في الغسل؛ لأن ذلك ليس من الفرض القطعي الذي يكفر جاحده، تأمل. ثم رأيت التصريح بذلك في شرح الدرر للشيخ إسماعيل. واحترز بقوله للوضوء وللغسل عن نفس الوضوء والغسل، فإن الوضوء يكون فرضا وواجبا وسنة ونفلا كما قدمه الشارح، وكذا الغسل على ما يأتي في محله (قوله: وجمعها) أي السنن حيث أتى بها بصيغة الجمع، ولم يأت بها مفردة كما قال في الكنز وسنته. (قوله: مستقلة بدليل وحكم) قال ابن الكمال، أما الأول فظاهر عند من تأمل في الهداية وسائر الكتب المطولة، وأما الثاني فلأن ما يترتب على فعل السنة وتركها من الثواب والعقاب يترتب على كل فعل منها وتركه منفردة كانت أو مجتمعة مع أخواتها، وليس الأمر في الفرض كذلك، فإن فرض الوضوء مجموع غسل الأعضاء الثلاثة ومسح الرأس، لا أن كلا منها فرض مستقل يترتب على فعله وتركه حكم الفرض؛ ولذلك آثر فيه صيغة المفرد، ومن لم يتنبه لهذه الدقيقة الأنيقة سلك في الموضعين مسلك الإفراد ا هـ. وعلى هذا فكان الأنسب للمصنف أن يقول فيما مر: وركن الوضوء بالإفراد لاتحاد الدليل وهو الآية، واتحاد الحكم بدليل فساد البعض بترك البعض قاله في البحر فافهم (قوله: ما يؤجر إلخ) ما مصدرية لا موصولة أو موصوفة واقعة على السنة؛ لأن الحكم الثابت لها الأجر واللوم على الفعل والترك، وليس الحكم هو الفعل الذي يؤجر عليه، إلا أن يقال إنها موصولة أو موصوفة واقعة على الأجر، والعائد محذوف: أي الأجر الذي يؤجره؛ وعلى كل؛ فالمناسب تأنيث الضمير في فعله وتركه، فافهم (قوله: ويلام) أي يعاتب بالتاء لا يعاقب، كما أفاده في البحر والنهر، لكن في التلويح ترك السنة المؤكدة قريب من الحرام يستحق حرمان الشفاعة، لقوله عليه الصلاة والسلام: «من ترك سنني لم ينل شفاعتي». ا هـ. وفي التحرير: إن تاركها يستوجب التضليل واللوم،. ا هـ. والمراد الترك بلا عذر على سبيل الإصرار كما في شرح التحرير لابن أمير حاج، ويؤيده ما سيأتي في سنن الوضوء من أنه لو اكتفى بالغسل مرة إن اعتاده أثم، وإلا لا. وفي البحر من باب صفة الصلاة: الذي يظهر من كلام أهل المذهب أن الاسم منوط بترك الواجب أو السنة المؤكدة على الصحيح؛ لتصريحهم بأن من ترك سنن الصلوات الخمس قيل: لا يأثم والصحيح أنه يأثم، ذكره في فتح القدير، وتصريحهم بالإثم لمن ترك الجماعة مع أنها سنة مؤكدة على الصحيح وكذا في نظائره لمن تتبع كلامهم، ولا شك أن الإثم مقول بالتشكيك بعضه أشد من بعض، فالإثم لتارك السنة المؤكدة أخف من الإثم لتارك الواجب. ا هـ. قال في النهر هناك: ويؤيده ما في الكشف الكبير معزيا إلى أصول أبي اليسر: حكم السنة أن يندب إلى تحصيلها، ويلام على تركها مع لحوق إثم يسير. (قوله: وكثيرا إلخ) مفعول مطلق وما زائدة لتأكيد الكثرة: أي ويعرفون بالحكم تعريفا كثيرا (قوله: لأنه إلخ) المحط: موضع الحط مقابل الرفع، ومواقع جمع موقع مصدر ميمي بمعنى الوقوع والأنظار جمع نظر: بمعنى التأمل والتفكير أي لأن الحكم هو محل وقوع أنظارهم، أي أنه المقصود للفقهاء (قوله: وعرفها الشمني) أي عرف السنة اصطلاحا، أما هي لغة فالطريقة مطلقا ولو قبيحة ط (قوله: أو بفعله) ينبغي زيادة أو تقريره إلا أنه داخل في الفعل؛ لأنه عدم النهي عما يقع بين يديه عليه الصلاة والسلام، يعني أنه كف، والكف فعل من أفعال النفس ط (قوله: وليس بواجب) مراده به ما يعم الفرض ط (قوله: لكنه تعريف لمطلقها) أي لمطلق السنة الشامل لقسميها، وهما السنة المؤكدة المسماة سنة الهدي، وغير المؤكدة المسماة سنة الزوائد. وأما المستحب المرادف للنفل والمندوب فهو قسيم لها لا قسم منها، كما قدمناه، فافهم، وأفاد بالاستدراك أن المراد من السنة هنا هو القسم الأول، وبه صرح في النهر تأمل (قوله: ولو حكما) كعدم الإنكار على من لم يفعل؛ لأنه ينزل منزلة الترك حقيقة، فدخل الاعتكاف في العشر الأخير من رمضان؛ لأنه عليه الصلاة والسلام وإن واظب عليه من غير ترك ومقتضاها وجوب الاعتكاف، لكن لما لم ينكر عليه الصلاة والسلام على من لم يعتكف كان ذلك منزلا منزلة الترك حقيقة، والمراد أيضا المواظبة ولو حكما لتدخل التراويح، فإنه صلى الله عليه وسلم بين العذر في التخلف عنها، وهو خوف أن تفرض علينا ط عن أبي السعود، ومفاده أن المواظبة بلا ترك تفيد الوجوب. قال في البحر: وظاهر الهداية يخالف، فإنه في الاستدلال على سنية المضمضة والاستنشاق قال: لأنه عليه الصلاة والسلام فعلهما على المواظبة، ثم قال في البحر: والذي ظهر للعبد الضعيف أن السنة ما واظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم، لكن إن كانت لا مع الترك فهي دليل السنة المؤكدة، وإن كانت مع الترك أحيانا فهي دليل غير المؤكدة، وإن اقترنت بالإنكار على من لم يفعله فهي دليل الوجوب، فافهم هذا فإن به يحصل التوفيق. ا هـ. قال في النهر: وينبغي أن يقيد هذا بما إذا لم يكن ذلك المواظب عليه مما اختص وجوبه به عليه الصلاة والسلام؛ أما إذا كان كصلاة الضحى فإن عدم الإنكار على من لم يفعل لا يصح أن ينزل منزلة الترك، ولا بد أن يقيد الترك بكونه لغير عذر كما في التحرير؛ ليخرج المتروك لعذر كالقيام المفروض. وكأنه إنما تركه لأن الترك لعذر لا يعد تركا. ا هـ. (قوله: وأورد عليه إلخ) أي على تعريف الشمني، وحاصله النقض بعدم المنع لأنه إذا كان الأصل في الأشياء التوقف، بمعنى عدم العلم بالحكم، هل هو الإباحة أو الحظر؟ لا تعلم إباحة المباح إلا بقوله عليه الصلاة والسلام أو فعله، فيدخل في تعريف السنة، إلا أن يزاد في التعريف ولا مباح. قال ط: وكذا يرد المباح على القول بأن الأصل الحظر (قوله: إلا أن الفقهاء إلخ) جواب عن الإيراد. قال في الصحاح: اللهج بالشيء الولوع به، وقد لهج بالكسر يلهج لهجا: إذا غري به. ا هـ. والمعنى أنهم ينطقون به كثيرا ط.
|